للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنَّ نُشْرِكَ بِاللهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ) .

(سِيرَةُ يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي السِّجْنِ) :

هَذِهِ الْآيَاتُ الثَّلَاثُ فِي إِظْهَارِ مُعْجِزَةِ النُّبُوَّةِ، وَالتَّمْهِيدِ لِدَعْوَةِ الرِّسَالَةِ.

(وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ) هَذَا عَطْفٌ عَلَى مَفْهُومِ مَا قَبْلَهُ، أَيْ فَسَجَنُوهُ وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ بِتَقْدِيرِ اللهِ الْخَفِيِّ الَّذِي يُعَبِّرُ عَنْهُ جَاهِلُوهُ بِالْمُصَادَفَةِ وَالِاتِّفَاقِ: فَتَيَانِ مَمْلُوكَانِ، تَبَيَّنَ فِيمَا بَعْدُ أَنَّهُمَا مِنْ فِتْيَانِ مَلِكِ مِصْرَ.

رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَحَدَهُمَا خَازِنُ طَعَامِهِ وَالْآخَرَ سَاقِيهِ، فَمَاذَا كَانَ مِنْ شَأْنِهِ مَعَهُمَا؟ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا أَيْ رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ رُؤْيَا وَاضِحَةً جَلِيَّةً كَأَنِّي أَرَاهَا فِي الْيَقَظَةِ الْآنَ وَهِيَ أَنَّنِي أَعْصِرُ خَمْرًا، أَيْ عِنَبًا لِيَكُونَ خَمْرًا لَا لِيُشْرَبَ الْآنَ، وَقِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيٍّ فِي الشَّوَاذِّ ((أَعْصِرُ عِنَبًا)) تَفْسِيرٌ لَا قُرْآنُ، وَمَا كُلُّ الْعِنَبِ لِأَجْلِ التَّخْمِيرِ، فَمَا نُقِلَ مِنْ أَنَّ عَرَبَ غَسَّانَ وَعَمَّانَ يُسَمُّونَ الْعِنَبَ خَمْرًا، فَمَحْمُولٌ عَلَى هَذَا النَّوْعِ الْمَخْصُوصِ مِنْهُ لِكَثْرَةِ مَائِهِ وَسُرْعَةِ اخْتِمَارِهِ، دُونَ مَا يُؤْكَلُ فِي الْغَالِبِ تَفُكُّهًا لِكِبَرِ

حَجْمِهِ وَاكْتِنَازِ شَحْمِهِ وَقِلَّةِ مَائِهِ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَصْنَافٌ (وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ) الطَّيْرُ جَمْعٌ وَاحِدُهُ طَائِرٌ، وَتَأْنِيثُهُ أَكْثَرُ مِنْ تَذْكِيرِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>