للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَدَلًا عَنْ (رَأَى) أَوْ (عَلِمَ) تَبْرِئَةً لِلْمُوصِي مِنَ الْقَطْعِ بِجَنَفِهِ وَإِثْمِهِ وَاحْتِمَاءً مِنْ تَقْيِيدِ التَّصَدِّي لِلْإِصْلَاحِ بِالْعِلْمِ بِذَلِكَ يَقِينًا، يَعْنِي إِنَّ مَنْ يَتَوَقَّعُ النِّزَاعَ لِلْجَنَفِ أَوِ الْإِثْمِ فَلَهُ أَنْ يَتَصَدَّى لِلْإِصْلَاحِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُوقِنًا بِذَلِكَ، وَلِلتَّعْبِيرِ عَنْ مِثْلِ هَذَا الْعِلْمِ بِالْخَوْفِ شَوَاهِدُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَالْمُصْلِحُ مُثَابٌ مَأْجُورٌ، وَنَفْيُ الْإِثْمِ عَنْ تَبْدِيلِ الْوَصِيَّةِ الْمُحَرَّمِ تَبْدِيلُهَا يُشْعِرُ بِذَلِكَ ; إِذْ لَوْ لَمْ يَكُنِ التَّبْدِيلُ لِلْإِصْلَاحِ مَطْلُوبًا لَمْ يَنْفِ الْإِثْمَ عَنْهُ. وَخَتَمَ الْكَلَامَ بِقَوْلِهِ: (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) لِلْإِشْعَارِ بِمَا فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ وَالْمَنْفَعَةِ، وَبِأَنَّ مَنْ خَالَفَ لِأَجْلِ الْمَصْلَحَةِ مَعَ الْإِخْلَاصِ فَهُوَ مَغْفُورٌ لَهُ.

(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)

الْكَلَامُ فِي سَرْدِ الْأَحْكَامِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّنَاسُبِ بَيْنَ كُلِّ حُكْمٍ وَمَا يَلِيهِ، وَالصِّيَامُ فِي اللُّغَةِ: الْإِمْسَاكُ وَالْكَفُّ عَنِ الشَّيْءِ، وَفِي الشَّرْعِ: الْإِمْسَاكُ عَنِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَغَشَيَانِ النِّسَاءِ مِنَ الْفَجْرِ إِلَى الْمَغْرِبِ احْتِسَابًا لِلَّهِ، وَإِعْدَادًا لِلنَّفْسِ وَتَهْيِئَةً لَهَا لِتَقْوَى اللهِ بِالْمُرَاقَبَةِ لَهُ وَتَرْبِيَةِ الْإِرَادَةِ عَلَى كَبْحِ جِمَاحِ الشَّهَوَاتِ، لِيَقْوَى صَاحِبُهَا عَلَى تَرْكِ الْمَضَارِّ وَالْمُحَرَّمَاتِ، وَقَدْ كُتِبَ عَلَى أَهْلِ الْمِلَلِ السَّابِقَةِ فَكَانَ رُكْنًا مَنْ كُلِّ دِينٍ ; لِأَنَّهُ مِنْ أَقْوَى الْعِبَادَاتِ وَأَعْظَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>