للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وملاحة عبارته. وحكى أن رجلا آذاه [فقال - (١)] أنت واللَّه أحوج إلى هوان من كريم إلى إكرام، ومن علم إلى عمل، ومن قدرة إلى عفو، ومن نعمة إلى شكر، ووصف الجاحظ اللسان فقال: هو أداة يظهر بها البيان، وشاهد يعبر عن الضمير، وحاكم يفصل الخطاب، وناطق يرد به الجواب، وشافع تدرك به الحاجة، وواصف تعرف به الأشياء، وواعظ ينهى عن القبيح، ومعزّ يبرد الأحزان، ومعتذر يدفع الظنة، ومله يؤنق الأسماع، وزارع يحرث المودة، وحاصد يستأصل العداوة، وشاكر يستوجب المزيد، ومادح يستحق الزلفة، ومؤنس يذهب بالوحشة. وقال المبرد دخلت على الجاحظ في آخر أيامه وهو عليل فقلت له كيف أنت؟

فقال كيف يكون من نصفه مفلوج ولو نشر بالمناشير ما أحس به ونصفه الآخر منقرس لو طار الذباب بقربة لآلمه والآفة في جميع هذا أنى قد جزت التسعين، ثم أنشدنا:

أترجو أن تكون وأنت شيخ … كما قد كنت أيام الشباب

لقد كذبتك نفسك ليس ثوب … دريس كالجديد من الثياب

ومات الجاحظ في المحرم سنة خمس وخمسين ومائتين … والجاحظية تزعم أن المعارف ضرورية الطباع وليس شيء منها من أفعال العباد، ووافق ثمامة بن أشرس في قوله إن العباد ليس لهم فعل غير الإرادة. وهذا يوجب أن لا تكون الصلاة والصوم والحج والعمرة والجهاد من اكتساب العباد وأن لا يكون الزنا وشرب الخمر من اكتسابهم لأن هذه


(١) سقط من ك.