للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فسمعهم، فابتدأ سورة يوسف، فلما بلغ إلى قصة الذئب قرا «فأكله الذيب» بغير همز، فقال له حمزة: الذئب (١) بالهمز! فقال له الكسائي: وكذلك أهمز الحوت «فالتقمه الحؤت»؟ قال: لا، قال: فلم همزت الذئب ولم تهمز الحوت [وهذا فأكله الذئب، وهذا فالتقمه الحوت - (٢)

فرفع حمزة بصره إلى خلاد الأحول - وكان أجمل غلمانه - فتقدم إليه في جماعة من أهل المجلس، فناظروه، فلم يصنعوا شيئا، فقالوا: أفدنا - يرحمك اللَّه! فقال لهم الكسائي: تفهموا عن الحائك! تقول: إذا نسبت الرجل إلى الذئب «قد استذأب الرجل» ولو قلت «استذاب» بغير همز لكنت إنما نسبته إلى الهزال تقول «قد استذاب الرجل» - إذا استذاب شحمة - بغير همز، وإذا نسبته إلى الحوت تقول «قد استحات الرجل، أي كثير أكله الحوت، فلا يجوز فيه الهمز، فلتلك العلة همز «الذئب» ولم يهمز «الحوت»، وفيه معنى آخر: لا يسقط الهمز من مفردة ولا من جميعه، وأنشدهم:

أيها الذئب وابنه وأبوه … أنت عندي من أذأب ضاريات

فسمى «الكسائي» من ذلك اليوم. وقال عبد الرحيم بن موسى: قلت للكسائى:

لم سميت الكسائي؟ قال: لأني أحرمت في كساء. ثم أقرأ ببغداد زمانا بقراءة حمزة،/ ثم اختار لنفسه قراءة فأقرأ بها الناس، وقرأ عليه بها خلق كثير ببغداد وبالرقة وغيرهما من البلاد، وحفظت عنه، وصنف


(١) وقع في م «الزيات».
(٢) من تاريخ بغداد، وفي الأصل مكانه «في: فالتقمه الحوت»، وليس في م.