للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن الكلبي: إنّ طهمورث أوّل ملوك بابل وأنه ملك الأقاليم كلها وكان محمودا في ملكه وفي أوّل سنة من ملكه ظهر بيوراسب ودعا إلى ملة الصابئة. وقال علماء الفرس: ملك بعد طهمورث جمشيد ومعناه الشعاع لجمالة وهو جمّ بن نوجهان أخو طهمورث، وملك الأرض واستقام أمره، ثم بطر النعمة وساءت أحواله فخرج عليه قبل موته بسنة بيوراسب وظفر به فنشره بمنشار وأكله وشرط أمعاءه. وقيل إنه ادّعى الربوبية فخرج عليه أوّلا أخوه أستوير فاختفى. ثم خرج بيوراسب فانتزع الأمر من يده وملك سبعمائة سنة. وقال ابن الكلبي مثل ذلك.

قال الطبري: بيوراسب هو الازدهاك والعرب تسميه الضحاك، وهو بصاد بين السين والزاي وجاء قريب من الهاء وكاف قريبة من القاف وهو الّذي عني أبو نواس بقوله:

وكان منّا الضحاك تعبده ... الجامل [١] والجن في محاربها

لأنّ اليمن تدعيه. قال: وتقول العجم إنّ جمشيد زوّج أخته من بعض أهل بيته وملك على اليمن فولدت الضحاك. وتقول أهل اليمن في نسبه الضحاك بن علوان بن عبيدة بن عويج، وأنه بعث على مصر أخاه سنان بن علوان ملكا وهو فرعون إبراهيم، قاله ابن الكلبيّ.

وأما الفرس فينسبونه هكذا: بيوراسب بن رتيكان بن ويدوشتك بن فارس بن أفروال، ومنهم من خالف في هذا. ويزعمون أنه ملك الأقاليم كلّها، وكان ساحرا كافرا وقتل أباه، وكان أكثر إقامة ببابل.

وقال هشام: ملك الضحاك وهو نمرود الخليل بعد جمشيد وأنّه التاسع منهم، وكان مولده بدنباوند، وأنّ الضحاك سار إلى الهند فخالفه أفريدون إلى بلاده فملكها، ورجع الضحاك فظفر به أفريدون وحبسه بجبال دنباوند، واتخذ يوم ظفر به عيدا.

وعند الفرس أنّ الملك إنّما كان للبيت الّذي وطنه أوشهنك وجمشيد وأن الضحاك هو بيوراسب خرج عليهم وبنى بابل، وجعل النبط جنده، وغلب أهل الأرض بسحره، وخرج عليه رجل من عامّة أصبهان اسمه عالي، وبيده عصا علّق فيها جرابا واتخذها راية، ودعا الناس إلى حربه، فأجابوا وغلبه فلم يدع الملك وأشار بتولية بني جمشيد لأنّه من عقب أوشهنك ملكهم الأوّل ابن أفروال، فاستخرجوا أفريدون من مكان اختفائه فملكوه واتبع الضحاك فقتله، وقيل أسره بدنباوند. ويقال كان على


[١] الجامل: قطيع الإبل مع رعاته وأربابه.

<<  <  ج: ص:  >  >>