للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاربوا ألغماس فكانت حربهم سجالا، إلى أن خرج بولس [١] بن غايش ومعه ابن عمه لو جيار بن مدكة إلى جهة الأندلس، وحارب من كان بها من الإفرنج والجلالقة إلى أن ملك برطانية [٢] واشبونة [٣] ورجع إلى رومة، واستخلف على الأندلس أكتبيان ابن أخيه يونان. فلما وصل إلى رومة وشعر الوزراء أنه يروم الاستبداد عليهم فقتلوه.

فزحف اكتبيان ابن أخيه من الأندلس فأخذ بثأره وملك رومة واستولى على أرض قسطنطينية وفارس وإفريقية والأندلس، وعمه يولش [٤] هو الّذي تسمّى قيصر فصار سمة لملوكهم من بعده. وأصل هذا الاسم جاشر فعرّبته العرب إلى قيصر، ولفظ جاشر مشترك عندهم فيقال جاشر للشعر وزعموا أنّ يولش ولد شعره نام يبلغ عينيه، ويقال أيضا للمشقوق جاشر، وزعموا أنّ قيصر ماتت أمّه وهي مقرب [٥] فبقر بطنها واستخرج يولس، والأوّل أصحّ وأقرب إلى الصواب.

وكانت مدّة يولس قيصر خمس سنين، ولما ولّى قيصر أكتبيان [٦] ابن أخته انفرد بملك الناحية الشمالية من الأرض، ووفد عليه رسل الملوك بالمشرق يرغبون في ولايته ويضرعون إليه في السلم فاسعفهم، ودانت له أقطار الأرض، وضرب الإتاوة على أهل الآفاق من الصغر. وكان العامل على اليهود بالشام من قبله هيردوس بن أنظفتر، وعلى مصر ابنه غايش. وولد المسيح لاثنتين وأربعين سنة خلت من ملكه. وهلك قيصر أكتبيان لست وخمسين من ملكه بعد سبعمائة وخمسين سنة لبناء رومة وخمسة آلاف ومائتين لمبدإ الخليقة انتهى كلام هروشيوش.

وأما ابن العميد مؤرخ النصارى فذكر عن مبدإ هؤلاء القياصرة أنّ أمر رومة كان راجعا إلى الشيوخ الذين يدبّرون أمرهم، وكانوا ثلاثمائة وعشرين رجلا لأنهم كانوا حلفوا أن لا يولّوا عليهم ملكا، فكان تدبيرهم يرجع إلى هؤلاء وكانوا يقدّمون واحدا منهم ويسمّونه الشيخ، وانتهى تدبيرهم في ذلك الزمان إلى أغانيوس فدبّرهم أربع


[١] وفي نسخة اخرى: يوليوس بن غايش.
[٢] هي بريتانيا مقاطعة فرنسية تقع في الشمال الغربي.
[٣] وهي لشبونة في الأندلس.
[٤] وهو يوليوس قيصر.
[٥] الحامل التي قرب ولادها (قاموس) .
[٦] هو أوكتاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>