للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينه [١] وبينه حروب سجال، ثم غلبهم القياصرة من بعده وظفروا بهم، حتى إذا انتقل القياصرة إلى القسطنطينية وفشل أمرهم برومة زحف إليها هؤلاء القوط واقتحموها عنوة فاستباحوها. ثم خرجوا عنها أيام طودوشيش بن أركاديش [٢] بعد حروب كثيرة، وكان أميرهم لذلك العهد أنطرك كما ذكرناه، ومات لعهد طودوشيش وأراد أن يجعل اسمه سمة الملوك برومة منهم مكان سمة قيصر، فاختلف عليه أصحابه في ذلك فرجع عنه، ثم صالح الرومانيين على أن يكون له ما يفتح من بلاد الأندلس لما كان امر الرومانيين قد ضعف عن الأندلس ولحق بها ثلاث طوائف من الغريقيّين فاقتسموا ملكها وهم الأبيون والشوانيّون والقندلش وباسم قندلس سميت الأندلس.

وكان بالأندلس من قبلهم الأرباريّون من ولد طوال بن يافث وهم إخوة الأنطاليس، سكنوها من بعد الطوفان وصاروا إلى طاعة أهل رومة، حتى دخل إليهم هؤلاء الطوالع من الغريقيين عند ما اقتحم القوط مدينة رومة وغلبوا الأمم الذين كانوا بها من ولد طوال. وقد يقال: إنّ هؤلاء الطوالع كلهم من ولد طوال بن يافث وليسوا من الغريقيّين، واقتسم هؤلاء الطوالع ملكها وكانت جليقية لقندلش ولشبونة وماردة وطليطلة ومرسية لشوانش وكانوا أشرافهم. وكانت إشبيليّة وقرطبة وجيان وطالعة للأبيق وأميرهم عندريقش أخو لشيقش أربعين سنة حين زحف إليهم القوط من رومة، وكان قد ولي عليهم بعد أطفانش ملك آخر منهم اسمه طشريك وقتله الرومانيون، وولي مكانه منهم ماستة ثلاث سنين وزوّج أخته من طودوشيش ملك الرومانيين وصالحه على أن يكون له ما يفتحه من الأندلس. ثم مات وولي مكانه لزريق ثلاث عشرة سنة وهو الّذي زحف إلى الأندلس وقتل ملوكها وطرد الطوائف الذين كانوا بها فأجازوا إلى طنجة وتغلبوا على بلاد البربر وصرفوا البربر الذين كانوا بالعدوة عن طاعة القسطنطين إلى طاعتهم، فلم يزالوا على ذلك إلى دولة يشتيانش [٣] نحوا من ثمانين سنة، ثم هلك طورديق [٤] ملك القوط بالأندلس وولي مكانه [٥]


[١] مقتضى السياق: كانت بينهم وبينه.
[٢] وفي نسخة اخرى: طودوسيوس بن أركاديوس.
[٣] وهو يوستنيانوس.
[٤] وفي نسخة اخرى: طوريق.
[٥] بياض بالأصل وهو أدولف.

<<  <  ج: ص:  >  >>