للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مهدم على ما وقع في تفسير قوله تعالى: «فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ ٢١: ١٢» .

فأوحى الله إلى إرمياء بن حزقيّا وبرخيا أن يسيّرا بخت نصّر إلى العرب الذين لا أغلاق لبيوتهم أن يقتل ولا يستحيى ويستلحمهم أجمعين ولا يبقى منهم أثرا، وقال بخت نصّر: وأنا رأيت مثل ذلك. وسار إلى العرب، وقد نظم ما بين أيلة والأبلّة خيلا ورجلا، وتسامع العرب بأقطار جزيرتهم واجتمعوا للقائه، فهزم عدنان أولا ثم استلحم الباقين ورجع إلى بابل، وجمع السبايا فأنزلهم بالأنبار ثم خالطهم بعد ذلك النبطة.

وقال ابن الكلبي: إنّ بخت نصّر لما نادى بغزو العرب افتتح أمره بالقبض على من كان في بلاده من تجّارهم للميرة وأنزلهم الحيرة، ثم خرج إليهم في العساكر فرجعت قبائل منهم إليه آثروا الإذعان والمسالمة، وأنزلهم بالسواد على شاطئ الفرات، وابتنوا موضع عسكرهم وسموه الأنبار، ثم أنزلهم الحيرة فسكنوها سائر أيامه ورجعوا إلى الأنبار بعد مهلكه.

قال الطبري: إن تبّعا أبا كرب لما غزا العراق أيام أردشير بهمن كانت طريقه على جبل طيِّئ ومنه إلى الأنبار، وانتهى إلى موضع الحيرة ليلا، فتحير وأقام فسمّي المكان الحيرة. ثم سار لوجهه وخلّف هنالك قوما من الأزد ولخم وجذام وعاملة وقضاعة، وطنوا وبنوا ولحق بهم ناس من طيِّئ وكلب والسكون وإياد والحرث بن كعب فكانوا معهم.

وقيل وهو قريب من الأوّل: خرج تبّع في العرب حتى تحيروا بظاهر الكوفة فنزل بها ضعفاء الناس فسميت الحيرة، ولما رجع ووجدهم قد استوطنوا، تركهم هنالك وفيهم من كل قبائل العرب من هذيل ولخم وجعفي وطيِّئ وكلب وبني لحيان من جرهم.

قال هشام بن محمد: لما مات بخت نصّر انتقل الذين أسكنهم بالحيرة إلى الأنبار ومعهم من انضم إليهم من بني إسماعيل وبني معدّ وانقطعت طوالع العرب من اليمن عنهم، ثم كثر أولاد معدّ وفرقتهم العرب، وخرجوا يطلبون المنسع والريف فيما يليهم من بلاد اليمن ومشارف الشام، ونزلت قبائل منهم البحرين وبها يومئذ قوم من الأزد نزلوها أيام خروج مزيقياء من اليمن، وكان الذين أقبلوا من تهامة من العرب مالك وعمرو ابنا فهم بن تيم بن أسد بن وبرة بن قضاعة وابن أخيهما مالك بن زهير وابن عمرو

<<  <  ج: ص:  >  >>