للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك ما سأل. قال ابن سعيد: وملك اليمن يومئذ شريب بن كعب فكانوا بادية لهم إلى أن انعكس الأمر بالكثرة والغلبة.

ومن كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني قال: بنو قريظة وبنو النضير الكاهنان من ولد الكوهن بن هارون عليه السلام، كانوا بنواحي يثرب بعد موسى عليه السلام وقبل تفرّق الأزد من اليمن بسيل العرم ونزول الأوس والخزرج يثرب وذلك بعد الفجّار.

ونقل ذلك عن عليّ بن سليمان الأخفش بسنده إلى العماري قال: ساكنو المدينة العماليق وكانوا أهل عدوان وبغي، وتفرّقوا في البلاد، وكان بالمدينة منهم بنو نعيف وبنو سعيد وبنو الأزرق وبنو نظرون، وملك الحجاز منهم الأرقم ما بين تيماء إلى فدك وكانوا ملوك المدينة ولهم بها نخل وزرع، وكان موسى عليه السلام قد بعث الجنود إلى الجبابرة يغزونهم، وبعث إلى العمالقة جيشا من بني إسرائيل وأمرهم أن لا يستبقوا أحدا فأبقوا ابنا للأرقم ضنّوا به على القتل، فلمّا رجعوا بعد وفاة موسى عليه السلام وأخبروا بني إسرائيل بشأنه فقالوا هذه معصية لا تدخلوا علينا الشام، فرجعوا إلى بلاد العمالقة ونزلوا المدينة وكان هذا أوّلية سكنى اليهود بيثرب. وانتشروا في نواحيها واتخذوا بها الآطام والأموال والمزارع ولبثوا زمانا، وظهر الروم على بني إسرائيل بالشام وقتلوهم وسبوا، فخرج بنو النضير وبنو قريظة وبنو يهدل هاربين إلى الحجاز وتبعهم الروم فهلكوا عطشا في المفازة بين الشام والحجاز. وسمّي الموضع تمر الروم. ولما قدم هؤلاء الثلاثة المدينة نزلوا العالية فوجدوها وابية [١] وارتادوا. ونزل بنو النضير مما يلي البهجان، وبنو قريظة وبنو يهدل على نهروز. وكان ممن سكن المدينة من اليهود حين نزلها الأوس والخزرج بنو الشقمة. وبنو ثعلبة وبنو زرعة وبنو قينقاع وبنو يزيد وبنو النضير وبنو قريظة وبنو يهدل وبنو عوف وبنو عصص، وكان بنو يزيد من بليّ وبنو نعيف من بليّ وبنو الشقمة من غسّان. وكان يقال لبني قريظة وبني النضير الكاهنان كما مرّ. فلما كان سيل العرم وخرجت الأزد نزلت أزدشنوءة الشام بالسراة وخزاعة بطوى، ونزلت غسّان بصرى [٢] وأرض الشام، ونزلت أزد عمان الطائف، ونزلت الأوس والخزرج يثرب نزلوا في ضرار بعضهم بالضاحية وبعضهم بالقرى مع أهلها، ولم يكونوا أهل نعم وشاء لأنّ المدينة كانت ليست بلاد مرعى، ولا نخل


[١] اي وجدوها موبؤة، نزل بها الوباء.
[٢] وتعرف ببصرى الشام.

<<  <  ج: ص:  >  >>