للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسماعيل فرفع قواعدها مع ابنه إسماعيل وصيّرها خلوة لعبادته، وجعلها حجا للناس كما أمره الله، وانصرف إلى الشام فقبض هنالك كما مرّ. وبعث الله إسماعيل إلى العمالقة وجرهم وأهل اليمن فآمن بعض وكفر بعض إلى أن قبضة الله ودفن بالحجر مع أمه هاجر ويقال آجر، وكان عمره فيما يقال مائة وثلاثين سنة وعهد بأمره لابنه قيذار: ومعنى قيذار صاحب الإبل وذلك لأنه كان صاحب إبل أبيه إسماعيل كذا قال السهيليّ، قال غيره معناه الملك. ويقال: إنما عهد لابنه نابت فقام ابنه بأمر البيت ووليها، وكان ولده فيما ينقل أهل التوراة كما نقل اثني عشر: قيذار ينابوت ادبيبل [١] مبسام مشمع دوما مسّا حدد [٢] ديما يطور ياقيس قدما [٣] أمّهم السيدة بنت مضاض قاله السهيليّ.

وهكذا وقعت أسماؤهم في الإسرائيليات، والحروف مخالفة للحروف العربية بعض الشيء باختلاف المخارج، فلهذا يقع الخلاف بين العلماء في ضبط هذه الألفاظ، وقد ضبط ابن إسحاق تيماء منهم بالطاء والياء وضبطه الدار الدّارقطنيّ بالضاد المعجمة والميم قبل الياء كأنها تأنيث آضم وذكر ابن إسحاق ديما. وقال البكري به سميت دومة الجندل لأنه كان نزلها وذكر أنّ الطوربيطون ابن إسماعيل.

ثم هلك نابت بن إسماعيل، وولى أمر البيت جدّه الحرث بن مضاض، وقيل وليها مضاض بن عمرو بن سعد بن الرقيب بن هنء ابن نبت بن جرهم، ثم ابنه الحرث بن عمرو. ثم قسمت الولاية بين ولد إسماعيل بمكة وأخوالهم من جرهم ولاة البيت لا ينازعهم ولد إسماعيل إعظاما للحرم أن يكون به بغي أو قتال. ثم بغت جرهم في البيت، ووافق بغيهم تفرّق سبإ ونزول بني حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر أرض مكّة، فأرادوا المقام مع جرهم فمنعوهم واقتتلوا فغلبهم بنو حارثة، وهم فيما قيل خزاعة، وملكوا البيت عليهم، ورئيسهم يومئذ عمرو بن لحيّ وشرّد بقية جرهم.

ولحيّ هذا هو ربيعة بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو مزيقياء بن عامر، وقيل: إنما ثعلبة بن حارثة بن عامر. وفي الحديث «رأيت عمرو بن لحيّ يجرّ قصبه في النار»


[١] وفي نسخة ثانية: قيايوت أدبئيل.
[٢] وفي نسخة ثانية: حدار.
[٣] وهذه هي أسماء بني إسماعيل عن التوراة: بنايوت، قيذار، أدئبيل، مبسام، مشماع، دومة، مسّا، حدار، تيما، يطور، ناغيش، قدمه. هؤلاء بنو إسماعيل وهذه أسماؤهم بحسب احويتهم وحظائرهم اثنا عشر زعيما لقبائلهم. سفر التكوين: الفصل الخامس والعشرون.

<<  <  ج: ص:  >  >>