للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها عن جلسائه وهو كائن معهم، فأحيانا يتمثل له الملك رجلا فيكلمه ويعي قوله، وأحيانا يلقي عليه القول، ويصيبه أحوال الغيبة عن الحاضرين من الغط والعرق وتصببه كما ورد في الصحيح من أخباره، قال: وهو أشدّ علي فيفصم عني وقد وعيت ما قال. وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول. فأصابته تلك الحالة بغار حراء وألقى عليه: «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ من عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ ٩٦: ١- ٥» . وأخبر بذلك كما وقع في الصحيح. وآمنت به خديجة وصدّقته وحفظت عليه الشأن. ثم خوطب بالصلاة وأراه جبريل طهرها، ثم صلّى به وأراه سائر أفعالها. ثم كان شأن الاسراء من مكة الى بيت المقدس من الأرض إلى السماء السابعة الى سدرة المنتهى وأوحى إليه ما أوحى، ثم آمن به عليّ ابن عمه أبي طالب وكان في كفالته من أزمة أصابت قريشا وكفل العبّاس جعفرا أخاه، فجعفر أسنّ [١] عيال أبي طالب. فأدركه الإسلام وهو في كفالته فآمن وكان يصلّي معه، في الشعاب مختفيا من أبيه حتى إذ ظهر عليهما أبو طالب دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا أستطيع فراق ديني ودين آبائي، ولكن لا ينهض إليك شيء تكره ما بقيت، وقال لعليّ: الزمه فإنه لا يدعو إلّا لخير.

فكان أوّل من أسلم خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى، ثم أبو بكر، وعليّ بن أبي طالب، كما ذكرنا، وزيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبلال بن حمامة مولى أبي بكر، ثم عمر بن عنبسة السلمي، وخالد بن سعيد بن العاص بن أمية. ثم أسلم بعد ذلك قوم من قريش اختارهم الله لصحابته من سائر قومهم وشهد لكثير منهم بالجنة. وكان أبو بكر محبّبا سهلا وكانت رجالات قريش تألفه فأسلم على يديه من بني أميّة عثمان بن عفّان بن أبي العاص بن أمية، ومن عشيرة بنى عمرو بن كعب بن سعيد بن تيم طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو، ومن بني زهرة بن قصيّ سعد بن أبي وقّاص واسمه مالك بن وهب بن مناف بن زهرة وعبد الرحمن بن عوف بن عوف بن عبد الحرث بن زهرة، ومن بني أسد بن عبد العزى الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد وهو ابن صفية عمة النبيّ صلى الله عليه وسلم، ثم أسلم من بني الحرث بن فهر أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال


[١] وفي النسخة الباريسية: فجعفر من عيال أبي طالب.

<<  <  ج: ص:  >  >>