للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أتاهما عبد الله بن أريقط بعد ثلاث براحلتهما [١] فركبا، وأردف أبو بكر عامر بن فهيرة، وأتتهما أسماء بسفرة لهما وشقت نطاقها وربطت السفرة فسميت ذات النطاقين. وحمل أبو بكر جميع ماله نحو ستة آلاف درهم، ومرّوا بسراقة بن مالك بن جعشم فاتبعهم ليردّهم، ولمّا رأوه دعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فساخت قوائم فرسه في الأرض، فنادى بالأمان وأن يقفوا له. وطلب من النبي أن يكتب له كتابا فكتبه أبو بكر بأمره، وسلك الدليل من أسفل مكّة على الساحل أسفل من عسفان [٢] وأمج وأجاز قديدا الى العرج ثم إلى قبا من عوالي المدينة.

ووردوها قريبا من الزوال يوم الإثنين لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأوّل، وخرج الأنصار يتلقونه وقد كانوا ينتظرونه حتى إذا [٣] قلصت الظلال رجعوا إلى بيوتهم.

فتلقوه مع أبي بكر في ظلّ نخلة، ونزل عليه السلام بقبا على سعد بن خيثمة، وقيل على كلثوم بن الهدم [٤] ، ونزل أبو بكر بالسخ في بني الحرث بن خزرج على خبيب بن أسد، وقيل على خارجة بن زيد. ولحق بهم عليّ رضي الله عنه من مكّة بعد أن ردّ الودائع للناس التي كانت عند النبيّ صلى الله عليه وسلم، فنزل معه بقبا.

وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم هنالك أياما ثم نهض لما أمر الله وأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف، فصلّاها في المسجد هنالك ورغب إليه رجال بني سالم أن يقيم عندهم، وتبادروا إلى خطام ناقته اغتناما لبركته. فقال عليه السلام: خلّوا سبيلها فإنّها مأمورة، ثم مشى والأنصار حواليه إلى أنّ مرّ بدار بني بياضة، فتبادر إليه رجالهم يبتدرون خطام الناقة، فقال: دعوها فإنّها مأمورة. ثم مرّ بدار بني ساعدة فتلقّاه رجال وفيهم سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو ودعوه كذلك وقال لهم مثل ما قال للآخرين. ثم إلى دار بني حارثة [٥] بن الخزرج فتلقّاه سعد بن الربيع وخارجة بن زيد وعبد الله بن رواحة. ثم مرّ ببني عديّ بن النجار أخوال عبد المطلب ففعلوا وقال لهم مثل ذلك، إلى أن أتي دار بني مالك بن النجار فبركت ناقته على باب مسجده اليوم وهو يومئذ لغلامين منهم في حجر معاذ بن عفراء اسمهما سهل وسهيل وفيه خرب ونخل وقبور للمشركين ومربد، ثم


[١] وفي نسخة ثانية: براحلتيهما.
[٢] وفي النسخة الباريسية: من غسّان.
[٣] وفي نسخة ثانية: الى ان.
[٤] وفي النسخة الباريسية: ابن المنذر.
[٥] وفي النسخة الباريسية: بني الحرث.

<<  <  ج: ص:  >  >>