للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية، ثم بلغه أنّ عيرا لقريش فيها أموال عظيمة مقبلة من الشام إلى مكّة معها ثلاثون أو أربعون رجلا من قريش عميدهم أبو سفيان ومعه عمرو بن العاصي ومخرمة بن نوفل، فندب عليه السلام المسلمين إلى هذه العير وأمر من كان ظهره حاضرا بالخروج، ولم يحتفل في الحشد لأنه لم يظن قتالا، واتصل خروجه بأبي سفيان، فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاريّ وبعثه إلى أهل مكة يستنفرهم لعيرهم فنفروا وأرعبوا إلّا يسيرا منهم أبو لهب. وخرج صلى الله عليه وسلم لثمان خلون من رمضان واستخلف على الصلاة عمرو بن أمّ مكتوم وردّ أبا لبابة من الروحاء واستعمله على المدينة، ودفع اللواء إلى إلى مصعب بن عمير، ودفع إلى عليّ راية، وإلى رجل من الأنصار أخرى يقال كانتا سوداوين. وكان مع أصحابه صلى الله عليه وسلم يومئذ سبعون بعيرا يعتقبونها فقط. وجعل على الساقة قيس بن أبي صعصعة من بني النجّار، وراية الأنصار يومئذ مع سعد بن معاذ فسلكوا نقب المدينة إلى ذي الحليفة ثم انتهوا إلى صخيرات يمام [١] ثم إلي بئر الروحاء، ثم رجعوا ذات اليمين عن الطريق إلى الصفراء.

وبعث عليه السلام قبلها بسبس بن عمرو الجهنيّ حليف بني ساعدة وعديّ بن أبي الزغباء [٢] الجهنيّ حليف بني النجّار إلى بدر يتجسّسون أخبار أبي سفيان وغيره. ثم تنكّب عن الصفراء يمينا وخرج على وادي دقران، فبلغه خروج قريش ونفيرهم، فاستشار أصحابه، فتكلّم المهاجرون وأحسنوا، وهو يريد ما يقوله الأنصار وفهموا ذلك. فتكلّم سعد بن معاذ وكان فيما قال: «لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك فسر بنا يا رسول الله على بركة الله» فسرّ بذلك، وقال: «سيروا وأبشروا فإنّ الله قد وعدني إحدى الطائفتين» . ثم ارتحلوا من دقران إلى قريب من بدر وبعث عليّا والزبير وسعدا في نفر يلتمسون الخبر فأصابوا غلامين لقريش، فأتوا بهما وهو عليه السلام قائم يصليّ، وقالوا:

نحن سقاة قريش فكذّبوهما كراهية في الخبر ورجاء أن يكونا من العير للغنيمة وقلّة المؤنة، فجعلوا يضربونهما فيقولان نحن من العير. فسلّم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنكر عليهم، وقال للغلامين: أخبر اني أين قريش. فأخبراه أنّهم وراء الكثيب [٣]


[١] وفي نسخة اخرى: تمام.
[٢] وفي النسخة الباريسية: الدغماء.
[٣] الكثيف: التل من الرمل وفي النسخة الباريسية الكثيف وهو الصفيح من الحديد (قاموس) .

<<  <  ج: ص:  >  >>