للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلى ميسرتهم عكرمة بن أبي جهل. وأعطى عليه السلام سيفه بحقه إلى أبي دجانة سماك بن خرشة من بني ساعدة وكان شجاعا بطلا يختال عند الحرب. وكان مع قريش ذلك اليوم والد حنظلة غسيل الملائكة أبو عامر عبد عمرو بن صيفي بن مالك ابن النعمان في طليعة [١] وكان في الجاهلية قد ترهّب وتنسّك، فلما جاء الإسلام غلب عليه الشقاء وفرّ إلى مكة في رجال من الأوس وشهد أحد مع الكفّار، وكان يعد قريش في انحراف الأوس إليه لما أنه سيدهم، فلم يصدق ظنه، ولما ناداهم وعرفوه، قالوا: لا أنعم الله لك علينا يا فاسق. فقاتل المسلمين قتالا شديدا.

وأبلى يومئذ حمزة وطلحة وشيبة وأبو دجانة والنضر بن أنس [٢] بلاء شديدا، وأصيب جماعة من الأنصار مقبلين غير مدبرين واشتدّ القتال وانهزم قريش أوّلا، فخلت الرماة عن مراكزهم، وكرّ المشركون كرّة وقد فقدوا متابعة الرماة فانكشف المسلمون واستشهد منهم من أكرمه الله، ووصل العدوّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقاتل مصعب بن عمير صاحب اللواء دونه حتى قتل، وجرح رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه وكسرت رباعيته اليمنى السفلى بحجر، وهشمت البيضة في رأسه، يقال إن الّذي تولى ذلك عتبة بن أبي وقاص وعمرو بن قميئة الليثي. وشدّ حنظلة الغسيل على أبي سفيان ليقتله فاعترضه شدّاد بن الأسود الليثي من شعوب فقتله وكان جنبا، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الملائكة غسلته.

وأكبت الحجارة على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سقط من بعض حفر هناك، فأخذ علي بيده واحتضنه طلحة حتى قام، ومصّ الدم من جرحه مالك بن سنان الخدريّ والد أبي سعيد، ونشبت حلقتان من حلق المغفر في وجهه صلى الله عليه وسلم فانتزعهما أبو عبيدة بن الجراح فندرت ثنيتاه فصار اهتم [٣] . ولحق المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم وكرّ دونه نفر من المسلمين فقتلوا كلهم، وكان آخرهم عمّار بن يزيد بن السكن. ثم قاتل طلحة حتى أجهض [٤] المشركون وأبو دجانة يلي النبيّ صلى الله عليه وسلم بظهره وتقع فيه النبل فلا يتحرك [٥] ، وأصيبت عين قتادة


[١] وفي نسخة ثانية: من ضبيعة.
[٢] وفي النسخة الباريسية: النضر بن شميل.
[٣] ويقال: اثرم بدل اهتم أهـ.
[٤] اجهض: بمعنى أبعد المشركين.
[٥] وفي نسخة ثانية: فلا يترك.

<<  <  ج: ص:  >  >>