للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكوان وقتلوهم عن آخرهم، وكان سرحهم إلى جانب منهم ومعهم المنذر بن أحيحة [١] من بني الجلّاح وعمرو بن أمية الضمريّ فنظرا إلى الطير تحوم على العسكر، فأسرعا إلى أصحابهما فوجداهم في مضاجعهم، فأمّا المنذر بن أحيحة فقاتل حتى قتل، وأما عمرو بن أمية فجز عامر بن الطفيل ناصيته حين علم أنه من مضر لرقبة كانت عن أمه، وذلك لعشر بقين من صفر وكانت مع الرجيع في شهر واحد. ولما رجع عمرو بن أمية لقي في طريقه رجلين من بني كلاب أو بني سليم فنزلا معه في ظل كان فيه معهما عهد من النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يعلم به عمرو فانتسبا له في بني عامر أو سليم فعدا عليهما لما ناما وقتلهما، وقدم على النبيّ صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك فقال لقد قتلت قتيلين لأدينهما.

[غزوة بني النضير:]

ونهض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني النضير مستعينا بهم في دية هذين القتيلين فأجابوا، وقعد عليه السلام مع أبي بكر وعمر وعليّ ونفر من أصحابه إلى جدار من جدرانهم، وأراد بنو النضير رجلا منهم على الصعود إلى ظهر البيت ليلقي على النبيّ صلى الله عليه وسلم صخرة، فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بن كعب منهم. وأوحى الله بذلك إلى نبيّه فقام، ولم يشعر أحدا ممن معه واستبطئوه، واتبعوه إلى المدينة. فأخبرهم عن وحي الله بما أراد به يهود وأمر من أصحابه بالتهيؤ لحربهم. واستعمل على المدينة ابن أمّ مكتوم، ونهض في شهر ربيع الأوّل أوّل السنة الرابعة من الهجرة، فتحصنوا منه بالحصون فحاصرهم ست ليال وأمر بقطع النخل وإحراقها، ودس إليهم عبد الله بن أبي والمنافقون إنا معكم قتلتم أو أخرجتم، فغرّوهم [٢] بذلك ثم خذلوهم كرها وأسلموهم. وسأل عبد الله من النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يكف عن دمائهم ويجليهم بما حملت الإبل من أموالهم إلّا السلاح، واحتمل إلى خيبر من أكابرهم حييّ بن أخطب وابن أبي الحقيق فدانت لهم خيبر، ومنهم من سار إلى الشام، وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أموالهم بين المهاجرين الأوّلين خاصة، وأعطى منها أبا دجانة وسهل بن حنيف كانا فقيرين.

وأسلم من بني النضير يامين بن عمير بن جحاش، وسعيد بن وهب فأحرزا أموالهما بإسلامهما. وفي هذه الغزاة نزلت سورة الحشر.


[١] وفي النسخة الباريسية: المنذر بن محمد بن الجلاح.
[٢] وفي نسخة ثانية: ففرّ وهمّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>