للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فكلمه فيما أتى له فقال عليّ: ما نستطيع أن نكلمه في أمر عزم عليه، فقال لفاطمة يا بنت محمد أما تأمري [١] ابنك هذا ليجير بين الناس فقالت لا يجير أحد على رسول الله، فقال له عليّ يا أبا سفيان أنت سيد بني كنانة فقم وأجر وارجع إلى أرضك، فقال ترى ذلك مغنيا عني شيئا؟ قال: ما أظنه ولكن لا أجد لك سواه. فقام أبو سفيان في المسجد فنادى: ألا إني قد أجرت بين الناس ثم ذهب إلى مكة وأخبر قريشا، فقالوا ما جئت بشيء وما زاد ابن أبي طالب على أن لعب بك.

ثم أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سائر إلى مكة، وأمر الناس بأن يتجهزوا، ودعا الله أن يطمس الأخبار عن قريش، وكتب إليهم حاطب بن أبي بلتعة بالخبر مع ظعينة قاصدة إلى مكة، فأوحى الله، إليه بذلك فبعث عليّا والزبير والمقداد إلى.

الظعينة فأدركوها بروضة خاخ وفتشوا رحلها فلم يجدوا شيئا، وقالوا: رسول الله أصدق، فقال عليّ: لتخرجنّ الكتاب أو لتلقينّ الحوائج، فأخرجته من بين قرون رأسها. فلما قرئ على النبيّ صلى الله عليه وسلم قال ما هذا يا حاطب؟ فقال يا رسول الله والله ما شككت في الإسلام ولكني ملصق في قريش فأردت عندهم يدا يحفظوني [٢] بها في مخلف أهلي وولدي، فقال عمر: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال: وما يدريك يا عمر لعل الله أطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فإنّي قد غفرت لكم. وخرج صلى الله عليه وسلم لعشر خلون من رمضان من السنة الثامنة في عشرة آلاف فيهم: من سليم ألف رجل وقيل سبعمائة، ومن مزينة ألف، ومن غفار أربعمائة، ومن أسلم أربعمائة، وطوائف من قريش وأسد وتميم وغيرهم، ومن سائر القبائل جموع وكتائب الله من المهاجرين والأنصار. واستخلف أبا رهم الغفاريّ على المدينة، ولقيه العبّاس بذي الحليفة وقيل بالجحفة مهاجرا، فبعث رحله إلى المدينة وانصرف معه غازيا، ولقيه بنيق [٣] العقاب أبو سفيان بن الحرث وعبد الله بن أبي أمية مهاجرين واستأذنا فلم يؤذن لهما، وكلمته أم سلمة فأذن لهما، وأسلما فسار حتى نزل مرّ الظهران، وقد طوى الله أخباره عن قريش إلّا أنهم يتوجسون الخيفة.


[١] الأصح ان يقول: اما تأمرين.
[٢] الأصح ان يقول: يحفظونني.
[٣] وفي نسخة أخرى: بشق.

<<  <  ج: ص:  >  >>