للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقاتلون [١] أياما، وصحبهم الأحنف ليلة وقد خرج فارس من الترك يضرب بطبله ويتلوه اثنان كذلك، ثم يخرج العسكر بعدهم عادة لهم، فقتل الأحنف الأوّل ثم الثاني ثم الثالث فلما مرّ بهم خاقان تشاءم وتطير ورجع أدراجه فارتحل وعاد إلى بلخ، وبلغ الخبر إلى يزدجرد وكان على مرو الشاهجان محاصرا لحارثة بن النعمان ومن معه فجمع خزائنه وأجمع اللحاق بخاقان على بلخ، فمنعه أهل فارس وحملوه على صلح المسلمين والركون إليهم وأنهم أوفى ذمة من الترك، فأبى من ذلك وقاتلهم فهزموه واستولوا على الخزائن، ولحق بخاقان وعبروا النهر إلى فرغانة، وأقام يزدجرد ببلد الترك أيام عمر كلها إلى أن كفر أهل خراسان أيام عثمان. ثم جاء أهل فارس إلى الأحنف ودفعوا إلى الخزائن والأموال وصالحوه واغتبطوا بملكة المسلمين، وقسّم الأحنف الغنائم فأصاب الفارس ما أصابه يوم القادسية.

ثم نزل الأحنف بلخ وأنزل أهل الكوفة في كورها الأربع ورجع إلى مروالروذ فنزلها، وكتب بالفتح إلى عمر. وكان يزدجرد لما عبر النهر لقي رسوله الّذي بعثه إلى ملك الصين قد رده إليه يسأله أن يصف له المسلمين الذين فعلوا به هذه الأفاعيل مع قلّة عددهم، ويسأل عن وفائهم ودعوتهم وطاعة أمرائهم ووقوفهم عند الحدود ومآكلهم وشرابهم وملابسهم ومراكبهم، فكتب إليه بذلك كله. وكتب إليه ملك الصين أن يسالمهم فإنّهم لا يقوم لهم شيء بما قام نردبل [٢] ، فأقام يزدجرد بفرغانة بعهد من خاقان. ولمّا وصل الخبر إلى عمر خطب الناس وقال: ألا وإنّ ملك المجوسية قد ذهب فليسوا يملكون من بلادهم شبرا يضر بمسلم، ألا وإنّ الله قد أورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأبناءهم لينظر كيف تعملون فلا تبدّلوا فيستبدل الله بكم غيركم، فإنّي لا أخاف على هذه الأمة أن تؤتي إلّا من قبلكم [٣]


[١] وفي النسخة الباريسية: يقتتلون.
[٢] كذا في الأصل: وفي الكامل ج ٣ ص ٣٧: «وكتب ملك الصين إلى يزدجرد «إنه لم يمنعني أن أبعث إليك بجند اوله بمرو وآخره بالصين الجهالة بما يحقّ عليّ، ولكن هؤلاء القوم الذين وصف لي رسولك لو يحاولون الجبال لهدوّها ولو خلا لهم سربهم أزالوني ما داموا على ما وصف، فسالمهم وأرض منهم بالمسالمة ولا تهيّجهم ما لم يهيّجوك» .
[٣] وفي النسخة الباريسية: أن تؤتوا الأمر قبلكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>