للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودعوا له، وبعث إلى عمّال الأمصار فقدموا عليه في الموسم: عبد الله بن عامر وابن أبي سرح ومعاوية وأدخل معهم سعيد بن العاص وعمرا وقال: ويحكم ما هذه الشكاية والاذاعة واني لأخشى والله أن يكونوا صادقين! فقالوا له: ألم يخبرك رسلك بأنّ أحدا لم يشافههم بشيء؟ وإنما هذه إشاعة لا يحل الأخذ بها واختلفوا في وجه الرأي في ذلك. فقال عثمان: إن الأمر كائن وبابه سيفتح ولا أحب أن تكون لأحد عليّ حجة في فتحه وقد علم الله أني لم آل الناس خيرا فسكّتوا الناس وبيّنوا لهم حقوقهم. ثم قدم المدينة فدعا عليّا وطلحة والزبير ومعاوية حاضر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أنتم ولاة هذا الأمر واخترتم صاحبكم [١] يعني عثمان وقد كبر وأشرف وفشت مقالة خفتها عليكم فما عنيتم فيه من شيء فأنا لكم به ولا تطمعوا الناس في أمركم. فانتهره عليّ، ثم ذهب عثمان يتكلّم، وقال: اللذان كانا قبلي منعا قرابتهما احتسابا وأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطي قرابته وأنّ قرابتي أهل عيلة وقلّة معاش فأعطيتهم فإن رأيتم ذلك خطأ فردّوه، فقالوا: أعطيت عبد الله بن خالد بن أسيد خمسين ألفا ومروان خمسة عشر ألفا، قال: آخذ ذلك منهما، فانصرفوا راضين.

وقال له معاوية: أخرج معي إلى الشام قبل أن يهجم عليك ما لا تطيقه، قال: لا أبتغي بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم بدلا. قال: فأبعث إليك جندا يقيمون معك، قال: لا أضيق على جيران رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال معاوية: لتغتالن ولتعرين [٢] ، قال: حسبي الله ونعم الوكيل. ثم سار معاوية ومرّ على عليّ وطلحة والزبير فوصّاهم بعثمان وودّعهم ومضى. وكان المنحرفون عن عثمان بالأمصار قد تواعدوا عند مسير الأمراء إلى عثمان أن يثبوا عليه في مغيبهم، فرجع الأمراء ولم يتهيأ لهم ذلك، وجاءتهم كتب من المدينة ممن صار إلى مذهبهم في الانحراف عن عثمان أن أقدموا علينا فإن الجهاد عندنا، فتكاتبوا من أمصارهم في القدوم إلى المدينة، فخرج المصريون وفيهم عبد الرحمن بن عديس البلويّ في خمسمائة وقيل في ألف وفيهم كنانة بن بشر الليثي وسودان بن حمران السكونيّ وميسرة أو قتيرة بن فلان السكونيّ، وعليهم جميعا الغافقي بن حرب العكّي، وخرج أهل الكوفة وفيهم زيد بن صوحان


[١] وفي النسخة الباريسية: وولوا صاحبهم
[٢] وفي نسخة ثانية: لتعيّرن

<<  <  ج: ص:  >  >>