للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك، ويعطيه ما شاء من الأموال. فنظر في أهله بين موافقته أو معاجلته بالحرب فآثر الموافقة، فكتب إليه: «أما بعد فإنّي لم أقارف [١] شيئا مما ذكرته وما اطلعت لصاحبي علي شيء منه. وأمّا متابعتك فانظر فيها وليس هذا مما يسرع إليه، وأنا كاف عنك فلا يأتيك شيء من قبلي تكرهه حتى نرى وترى» . فكتب إليه معاوية:

«إنّي لم أرك تدنو فأعدّك سلما ولا تتباعد فأعدّك حربا، وليس مثلي يصانع المخادع وينخدع للمكايد ومعه عدد الرجال وأعنّة الخيل والسلام» . فعلم قيس أنّ المدافعة لا تنفع معه فأظهر له ما في نفسه، وكتب إليه بالرّد القبيح والشتم والتصريح بفضل عليّ والوعيد، فحينئذ أيس معاوية منه وكاده من قبل علي، فأشاع في الناس أن قيسا شيعة له تأتينا كتبه ورسله ونصائحه وقد ترون ما فعل بإخوانكم القائمين بثأر عثمان وهو يجري عليهم من الأعطية والأرزاق، فأبلغ ذلك إلى عليّ محمد بن أبي بكر ومحمد بن جعفر وعيونه بالشام فأعظم ذلك، وفاوض فيه الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر، فقال له عبد الله: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك واعزله عن مصر. ثم جاء كتابه بالكفّ عن قتال المعتزلين فقال ابن جعفر: مره بقتالهم خشية أن تكون هذه ممالأة. فكتب إليه يأمره بذلك فلم ير قيس ذلك رأيا وقال: متى قاتلناهم ساعدوا عليك عدوّك وهم الآن معتزلون والرأى تركهم. فقال ابن جعفر: يا أمير المؤمنين ابعث محمد بن أبي بكر على مصر، وكان أخاه لأمه، واعزل قيسا فبعثه.

وقيل بعث قبل الأشتر النخعيّ، ومات بالطريق، فبعث محمد ولما قدم محمد على قيس خرج عنها مغضبا إلى المدينة وكان عليها مروان بن الحكم فأخافه، فخرج هو وسهل بن حنيف إلى عليّ. وكتب معاوية إلى مروان يعاتبه لو أمددت عليّا بمائة ألف مقاتل كان أيسر عليّ من قيس بن سعد.

ولما قدم قيس على عليّ وكشف له عن وجه الخبر قبل عذره وأطاعه في أمره كله، وقدم محمد مصر فقرأ كتاب عليّ على الناس وخطبهم [٢] ، ثم بعث إلى أولئك القوم المعتزلين الذين كان قيس وادعهم. ادخلوا في طاعتنا أو اخرجوا عن بلادنا. فقالوا:

دعنا حتى ننظر. وأخذوا حذرهم، ولما انقضت صفّين وصار الأمر إلى التحكيم


[١] وفي النسخة الباريسية: لم أفارق.
[٢] وفي النسخة الباريسية: خاطبهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>