للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جرير وأنّه طال مقامه حتى تمكن أهل الشام من رأيهم [١] ، فغضب لذلك جرير ولحق بقرقيسياء واستقدمه معاوية فقدم عليه. وقيل أن شرحبيل بن السمط الكندي أشار على معاوية بردّ جرير لأجل منافسة كانت بينهما منذ أيام عمر، وذلك أن شرحبيل كان عمر بن الخطاب بعثه إلى سعد بالعراق ليكون معه فقرّبه سعد وقدّمه ونافسه له أشعث بن قيس، فأوصى جريرا عند وفادته على عمر أن ينال من شرحبيل عنده، ففعل فبعث عمر شرحبيل إلى الشام فكان يحقد ذلك على جرير، فلما جاء الى معاوية أغراه شرحبيل به وحمله على الطلب بدم عثمان.

ثم خرج عليّ وعسكر بالنخيلة واستخلف على الكوفة أبا مسعود الأنصاري وقدم عليه عبد الله بن عبّاس في أهل البصرة، وتجهّز معاوية وأغراه عمرو بقلّة عسكر عليّ واضطغان أهل البصرة له بمن قتل منهم، وعبّى معاوية أهل الشام وعقد لعمرو ولا بنيه وغلامه وردان الألوية. وبعث عليّ في مقدمته زياد بن النضر الحارثي في ثمانية آلاف وشريح بن هانئ في أربعة آلاف، وسار من النخيلة إلى المدائن واستنفر من كان بها من المقاتلة وبعث منها معقل بن قيس في ثلاثة آلاف يسير من الموصل ويوافيه بالرّقة. وولّي عليّ على المدائن سعد بن مسعود الثقفي عمّ المختار بن أبي عبيد، وسار فلما وصل إلى الرّقة نصب له جسر فعبر وجاء زياد وشريح من ورائه، وكانا سمعا بمسير معاوية وخشيا أن يلقاهما معاوية وبينهما وبين عليّ البحر ورجعا إلى هيت وعبر الفرات، ولحقا بعلي فقدّمهما امامه، فلما أتيا إلى سور الروم لقيهما أبو الأعور السلمي في جند من أهل الشام فطاولاه وبعثا إلى عليّ فسرح الأشتر وأمره أن يجعلهم على مجنبتيه، وقال: لا تقاتلهم حتى آتيك. وكتب إلى شريح وزياد بطاعته فقدم عليهما وكف عن القتال سائر يومه حتى حمل عليهم أبو الأعور بالعشيّ فاقتتلوا ساعة وافترقوا، ثم خرج من الغداة وخرج إليه من أصحاب الأشتر هاشم بن عتبة المرقال واقتتلوا عامة يومهم. وبعث الأشتر سنان بن مالك النخعيّ إلي أبي الأعور السلميّ يدعوه إلى البراز فأبي وحجز بينهم الليل، ووافاهم من الغد عليّ وعساكره، فتقدم الأشتر وانتهى إلى معاوية ولحق به عليّ. وكان معاوية قد ملك شريعة الفرات فشكى الناس إلى عليّ العطش فبعث صعصعة بن صوحان إلى معاوية: «بأنّا سرنا ونحن عازمون على الكفّ عنكم حتى نعذر إليكم فسابقنا جندكم بالقتال ونحن رأينا


[١] وفي النسخة الباريسية: من ورائهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>