للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليهم بموضع الماء، فانتهوا إليه وشربوا ونجوا فتطيّر مسلم من ذلك، وكتب إلى الحسين يستعفيه. فكتب إليه خشيت أن لا يكون حملك على ذلك إلّا الجبن، فامض لوجهك والسلام. وسار مسلم فدخل الكوفة أوّل ذي الحجة من سنة ستين، واختلف إليه الشيعة وقرأ عليهم كتاب الحسين، فبكوا ووعدوه النصر وعلم مكانه النعمان بن بشير أمير الكوفة وكان حليما يجنح إلى المسالمة، فخطب وحذّر الناس الفتنة. وقال:

لا أقاتل من لا يقاتلني ولا آخذ بالظنّة والتهمة، ولكن إن نكثتم بيعتكم وخالفتم إمامكم فو الله لأضربنّكم بسيفي ما دام قائمته بيدي، ولو لم يكن لي ناصر فقال له بعض حلفاء بني أمية: لا يصلح ما ترى إلا الغشم، وهذا الّذي أنت عليه مع عدوّك رأي المستضعفين فقال: أكون من المستضعفين في طاعة الله أحب اليّ من أن أكون من الأعزين في معصية الله. ثم تركه فكتب عبد الله بن مسلم وعمارة بن الوليد وعمارة بن سعد بن أبي وقّاص إلى يزيد بالخبر، وتضعف النعمان وضعفه فابعث إلى الكوفة رجلا قويا ينفذ أمرك ويعمل عملك في عدوّك فأشار عليه سرجون [١]


[١] هنا بياض بالأصل نحو ثلاث ورقات. وجاء في الكامل لابن الأثير ج ٤ ص ٢٢ وما بعدها (طبعة دار صادر) : «فلما اجتمعت الكتب عند يزيد دعا سرجون مولى معاوية فأقرأه الكتب، واستشاره فيمن يوليه الكوفة، وكان يزيد عاتبا على عبيد الله بن زياد، فقال له سرجون: أرأيت لو نشر لك معاوية كنت تأخذ برأيه؟ قال: نعم! قال: فاخرج عهد عبيد الله على الكوفة. فقال: هذا رأي معاوية، ومات وقد أمر بهذا الكتاب. فأخذ برأيه. وجمع الكوفة والبصرة لعبيد الله وكتب إليه بعهده وسيره اليه مع مسلم بن عمرو الباهلي والد قتيبة، فأمره بطلب مسلم بن عقيل وبقتله أو نفيه. فلما وصل كتابه إلى عبيد الله أمر بالتجهّز ليبرز من الغد. وكان الحسين قد كتب إلى أهل البصرة نسخة واحدة إلى الاشراف يدعوهم إلى كتاب الله وسنة رسوله ... ص ٢٣» .
وجاء في الطبري ج ٦ ص ٢٠٠ (طبعة مصر) : «وقد كان حسين كتب إلى أهل البصرة كتابا. قال هشام، قال أبو مخنف: حدثني الصقعب بن زهير عن أبي عثمان النهديّ قال: كتب حسين مع مولى لهم يقال له سليمان وكتب بنسخة إلى رءوس الأخماس بالبصرة والى الاشراف. فكتب إلى مالك بن مسمع البكري والى الأحنف بن قيس والى المنذر بن الجارود والى مسعود بن عمرو والى قيس بن الهيثم والى عمر بن عبد الله بن معمر. فجاءت منه نسخة واحدة إلى جميع اشرافها وهذا نصه: «أما بعد فان الله اصطفى محمدا صلى الله عليه وسلم على خلقه، وأكرمه بنبوته واختاره لرسالته. ثم قبضه الله اليه.
وقد نصح لعباده وبلغ ما أرسل به صلى الله عليه وسلم.
وكنا أهله وأولياءه وأوصياءه وورثته وأحق الناس بمقامه في الناس، فاستأثر علينا قومنا بذلك، فرضينا وكرهنا الفرقة. وأحببنا العافية ونحن نعلم أنا أحق بذلك الحق المستحق علينا ممن تولاه. وقد أحسنوا وأصلحوا وتحرّوا الحق فرحمهم الله وغفر لنا ولهم. وقد بعثت رسولي إليكم بهذا الكتاب وانا أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيّه (ص) . فان السنة قد أميتت وإن البدعة قد أحييت، وإن تسمعوا قولي وتطيعوا أمري أهدكم سبيل الرشاد والسلام عليكم ورحمة الله.»

<<  <  ج: ص:  >  >>