للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فخطبهم ووعدهم وجاء عبد الملك على أثره فحاصره بدمشق ووقع بينهما القتال أياما ثم اصطلحا وكتب بينهما كتابا وأمّنه عبد الملك فخرج إليه عمر ودخل عبد الملك دمشق فأقام أربعة أيام ثم بعث إلى عمر ليأتيه، فقال له عبد الله بن يزيد بن معاوية وهو صهره وكان عنده: لا تأتيه [١] فإنّي أخشى عليك منه فقال: والله لو كنت نائما ما أيقظني! ووعد الرسول بالرواح إليه، ثم أتى بالعشي ولبس درعه تحت القباء، ومضى في مائة من مواليه وقد جمع عبد الملك عنده بني مروان وحسّان بن نجد الكلبي وقبيصة بن ذؤيب الخزاعي وأذن لعمر فدخل. ولم يزل أصحابه يجلسون عند كل باب حتى بلغوا قاعة الدار وما معه إلا غلام واحد ونظر إلى عبد الملك والجماعة حوله فأحسّ بالشرّ وقال للغلام: انطلق إلى أخي يحيى وقل له يأتيني، فلم يفهم عنه وأعاد عليه فيجيبه الغلام لبيك وهو لا يفهم فقال له: أغرب عني. ثم أذن عبد الملك لحسّان وقبيصة فلقيا عمر، ودخل فأجلسه معه على السرير وحادثة زمنا، ثم أمر بنزع السيف عنه فأنكر ذلك عمر وقال: اتّق الله يا أمير المؤمنين! فقال له عبد الملك أتطمع أن تجلس معي متقلدا سيفك؟ فأخذ عنه السيف، ثم قال له عبد الملك: يا أبا أمية إنك حين خلعتني حلفت بيمين إن أنا رأيتك بحيث أقدر عليك أن أجعلك في جامعة، فقال بنو مروان ثم تطلقه يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم! وما عسيت أن أصنع بأبي أمية؟ فقال بنو مروان: أبرّ قسم أمير المؤمنين يا أبا أمية فقال عمر: قد أبر الله قسمك يا أمير المؤمنين فأخرج من تحت فراشه جامعة وأمر غلاما فجمعه فيها وسأله أن لا [٢] يخرجه على رءوس الناس فقال أمكرا عند الموت؟

ثم جذبه جذبة أصاب فمه السرير فكسر ثنيته ثم سأل الإبقاء فقال عبد الملك: والله لو علمت أنك تبقى إن أبقيت عليك وتصلح قريش لأبقيتك، ولكن لا يجتمع رجلان مثلنا في بلد فشتمه عمر وخرج عبد الملك إلى الصلاة وأمر أخاه عبد العزيز بقتله. فلما قام إليه بالسيف ذكره الرحم، فامسك عنه وجلس ورجع عبد الملك من الصلاة وغلقت الأبواب، فغلظ لعبد العزيز ثم تناول عمر فذبحه بيده وقيل أمر غلامه بن الزغير فقتله وفقد الناس عمر مع عبد الملك حين خرج إلى الصلاة فأقبل أخوه يحيى في أصحابه وعبيده وكانوا ألفا، ومعه حميد بن الحرث وحريث وزهير


[١] الأصح أن يقول: لا تأته.
[٢] اللام هنا زائدة، وكانت نية عمران يرى أعوانه ما هو فيه، فيهبوا لنجدته.

<<  <  ج: ص:  >  >>