للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصالح بكير أو بعث إليه بكير بأربعين ألفا على أن لا يقاتله فلما قارب أميّة نيسابور إليه بجير وعرّفه عن أمور خراسان وما يحسن به طاعة أهلها وحذّره غدر بكير وجاء معه إلى مرو فلم يعرض أمية لبكير ولا لعمّاله وعرض عليه شرطته فأبى. وقال: لا أحمل الجزية اليوم وقد كانت تحمل إليّ بالأمس وأراد أن يولّيه بعض النواحي من خراسان فحذّره بجير منه. ثم ولّى أمية ابنه عبد الله على سجستان فنزل بستا. وغزا رتبيل الّذي ملك على الترك بعد المقتول الأوّل وكان هائبا للمسلمين فراسلهم في الصلح وبعث ألف ألف وبعث بهدايا ورقيق فأبى عبد الله من قبولها وطلب الزيادة فجلا رتبيل عن البلاد حتى أوغل فيها عبد الله. ثم أخذ عليه الشعاب والمضايق حتى سأل منه الصلح وأن يخلي عينه عن المسلمين فشرط رتبيل عليه ثلاثمائة ألف درهم والعهد بأن لا يغزو بلادهم فأعطاه ذلك وبلغ الخبر بذلك عبد الملك فعزله.

[ولاية الحجاج العراق]

ثم ولّى عبد الملك الحجّاج بن يوسف على الكوفة والبصرة سنة خمسة وسبعين وأرسل إليه وهو بالمدينة يأمره بالمسير إلى العراق فسار على النجب في اثني عشر راكبا حتى قدم الكوفة في شهر رمضان. وقد كان بشر بعث المهلّب إلى الخوارج فدخل المسجد وصعد المنبر وقال: عليّ بالناس فظنّوه من بعض الخوارج فهموا به، حتى تناول عمير بن ضابئ البرجمي الحصباء وأراد أن يحصبه، فلما تكلم جعل الحصباء يسقط من يديه وهو لا يشعر به. ثم حضر الناس فكشف الحجّاج عن وجهه وخطب خطبته المعروفة. ذكرها الناس وأحسن من أوردها المبرّد في الكامل يتهدّد فيها أهل الكوفة ويتوعدهم عن التخلّف عن المهلّب. ثم نزل وحضر الناس عنده للعطاء واللحاق بالمهلّب فقام إليه عمير ابن ضابئ وقال: أنا شيخ كبير عليل وابني هذا أشدّ مني فقال: هذا خير لنا منك قال: ومن أنت؟ قال عمير بن ضابئ قال:

الّذي غزا عثمان في داره؟ قال: نعم. فقال: يا عدوا الله [١] إلى عثمان بدلا. قال: إنه حبس أبي وكان شيخا كبيرا. فقال: إني لا أحب حياتك إنّ في قتلك صلاح المصرين، وأمر به فقتل ونهب ماله. وقيل إنّ عنبسة بن سعيد بن العاص هو الّذي أغرى به الحجّاج حين دخل عليه. ثم أمر الحجاج مناديه فنادى ألا


[١] بياض بالأصل وفي الكامل ج ٤ ص ٣٧٨: «قال: يا عدو الله أفلا إلى عثمان بعثت بدلا؟»

<<  <  ج: ص:  >  >>