للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طخارستان نيزك ينزل عنده، فاستضعفه وقبض عليه وقيّده خشية من خلافه وأخرج عامل قتيبة من بلده. وبلغ قتيبة وخبرهم قبل الشتاء وقد تفرّق الجند فبعث أخاه عبد الرحمن بن مسلم في اثني عشر ألف إلى البروقان، وقال: أقم بها ولا تحدث شيئا، فإذا انقضى الشتاء تقدّم إلى طخارستان وأنا قريب منك. ولما انصرم الشتاء استقدم قتيبة الجنود من نيسابور وغيرها فقدموا، فسار نحو الطالقان وكان ملكها قد دخل معهم في الخلع ففتحها وقتل من أهلها مقتلة عظيمة وصلب منهم سماطين أربعة فراسخ في مثلها، واستخلف عليها أخاه محمد بن مسلم، وسار إلى القاربات فخرج إليه ملكها مطيعا واستعمل عليها وسار إلى الجوزجان فلقيه أهلها بالطاعة، وهرب ملكها إلى الجبال واستعمل عليها عامر بن ملك الحماس. ثم أتى بلخ وتلقاه أهلها بالطاعة وسار يتبع أخاه عبد الرحمن إلى شعب حمله، ومضى نيزك إلى بغلان وخلف المقاتلة على فم الشعب ولا يهتدي إلى مدخل، ومضايقوه يمنعونه. ووضع أثقاله في قلعة من وراء الشعب، وأقام قتيبة أياما يقاتلهم على فم الشعب ولا يهتدى إلى مدخل، حتى دلّه عليه بعض العجم هنالك على طريق سرّب منه الرجال إلى القلعة فقتلوهم، وهرب من بقي منهم ومضى إلى سمنجان ثم إلى نيزك، وقدّم أخاه عبد الرحمن وارتحل نيزك إلى وادي فرغانة، وبعث أثقاله وأمواله إلى كابل شاه، ومضى إلى السكون فتحصّن به ولم يكن له إلا مسلك واحد صعب على الدواب فحاصره قتيبة شهرين حتى جهدوا وأصابهم جهد الجدري وقرب فصل الشتاء فدعا قتيبة بعض خواصه ممن كان يصادق نيزك فقال:

انطلق إليه وأثن عليه بغير أمان وإن أعياك فأمنه وإن جئت دونه صلبتك. فمضى الرجل وأشار عليه بلقائه وأنه عازم على أن يشق هنالك، فقال: أخشاه فقال له:

لا يخلّصك إلا إتيانك، تنصّح له بذلك وبأنه يخشى عليه من غدر أصحابه الذين معه. ولم يزل يفتل له [١] في الذروة والغارب، وهو يمتنع حتى قال له: إنه قد أمّنك. فأشار عليه أصحابه بالقبول لعلمهم بصدقة وخرج معه نيزك ومعهم جيفونة ملك طخارستان الّذي كان قيّده حتى انتهوا إلى الشعب وهناك خيل أكمنه الرجل ما كان فيه وكتب إلى الحجّاج يستأذنه في قتل نيزك فوافاه كتابه لأربعين يوما بقتله فقتله وقتل معه صول طرخان خليفة جيفونة وابن أخي نيزك ومن أصحابه


[١] «قوله يفتل له ... هو مثل من أمثال العرب يضرب في الخداع والمماكرة أهـ. من الميداني» .

<<  <  ج: ص:  >  >>