للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالكفّ عنهم فكف عن حبيب وأبي عبسة وكانا عنده وأقام يزيد عند سليمان يهدي إليه الهدايا ويصنع له الأطعمة.

[ولاية خالد القسري على مكة وإخراج سعيد بن جبير عنها ومقتله]

ولما كان في سنة ثلاث وتسعين كتب عمر بن عبد العزيز إلى الوليد يقص عليه أفعال الحجّاج بالعراق وما هم فيه من ظلمه وعدوانه، فبلغ بذلك الحجّاج فكتب إلى الوليد: إنّ كثيرا من المرّاق وأهل الشقاق قد انجلوا عن العراق ولحقوا بالمدينة ومكة ومنعهم عمر وأصابه من ذلك وهن. فولّى الوليد على مكّة خالد بن عبد الله القسري [١] وعثمان بن حيّان بإشارة الحجّاج، وعزل عمر عن الحجاز وذلك في شعبان من السنة. ولما قدم خالد مكة أخرج من كان بها من أهل العراق كرها وتهدّد من أنزل عراقيا أو أجره دارا وكانوا أيام عمر بن عبد العزيز يلجأ إلى مكة والمدينة كل من خلف الحجّاج فيأمن. وكان منهم سعيد بن جبير هاربا من الحجّاج وكان قد جعله على عطاء الجند الذين وجههم مع عبد الرحمن بن الأشعث إلى قتال رتبيل فلما خرج عبد الرحمن كان سعيد فيمن خلع فكان معه إلى أن هزم وسار إلى بلاد رتبيل. فلحق سعيد بأصبهان، وكتب الحجاج فيه إلى عاملها فتحرّج من ذلك ودسّ إلى سعيد فسار إلى أذربيجان. ثم طال عليه المقام فخرج إلى مكة فكان بها مع ناس أمثاله من طلبة الحجاج يستخفون بأسمائهم. فلما قدم خالد بن عبد الله مكّة أمره الوليد بحمل أهل العراق إلى الحجاج فأخذ سعيد بن جبير ومجاهدا وطلق بن حبيب، وبعث بهم إلى الحجّاج فمات طلق في الطريق وجيء بالآخرين إلى الكوفة وأدخلا على الحجاج. فلما رأى سعيدا شتم خالدا القسري على إرساله وقال: لقد كنت أعرف أنه بمكّة وأعرف البيت الّذي كان فيه، ثم أقبل على سعيد وقال: ألم أشركك في أمانتي؟ ألم أستعملك؟ ثم تفعل بعدد أياديه عنده. فقال: بلى! قال:

فما أخرجك على قتالي؟ أنا امرؤ من المسلمين أخطئ مرّة وأصيب أخرى. ثم استمرّ في محاورته فقال: إنما كانت بيعة في عنقي فغضب الحجاج وقال: ألم آخذ بيعتك لعبد الملك بمكّة بعد مقتل ابن الزبير؟ ثم جددت له البيعة بالكوفة فأخذت بيعتك


[١] خالد هذا من جبابرة أمراء الدولة المروانية على شاكلة الحجاج أهـ. من خط الشيخ العطار.

<<  <  ج: ص:  >  >>