للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعمارة والغزو معه، وأعطوه الرهن بذلك. فأبوا إلّا أن يستجيروا بملك فرغانة وخرجوا من بلادهم إلى خجندة وسألوا الجوار وأن ينزلوا شعب عصام. فقال:

أمهلونا عشرين يوما أو أربعين لنخليه لكم وليس لكم عليّ جوار قبل دخولكم إيّاه.

ثم غزاهم الحريش سنة أربع ومائة فقطع النهر وترك قصر الريح على فرسخين من الدنوسيّة، وأتاه ابن عم ملك فرغانة يغريه بأهل الصغد وأنهم بخجندة، ولم يدخلوا جواره بعد، فبعث معه عبد الرحمن القسريّ في عسكر، وجاء في أثره حتى نزلوا على خجندة، وخرج أهل صغد لقتالهم فانهزموا، وقد كانوا حفروا خندقا وغطّوه بالتراب ليسقط فيه المسلمون عند القتال. فلما انهزموا ذلك اليوم أخطأهم الطريق وأسقطهم الله في ذلك الخندق. ثم حاصرهم الحريشيّ، ونصب عليهم المجانيق وأرسلوا إلى ملك فرغانة ليجيرهم، فقال: قد شرطت عليكم أن لا جوار قبل الأجل الّذي بيني وبينكم. فسألوا الصلح من الحريشيّ على أن يردّوا ما في أيديهم من سبي العرب، ويعطوا ما كسر من الخراج ولا يتخلف أحد منهم بخجندة، وإن أحدثوا حدثا استبيحت دماؤهم. فقبل منهم وخرجوا من خجندة ونزلوا في العسكر على كل من يعرفه. وبلغ الحريشيّ أنهم قتلوا امرأة فقتل قاتلها، فخرج قبيل منهم فاعترض الناس وقتل جماعة. وقتل الصغد من أسرى المسلمين مائة وخمسين، ولقي الناس منهم عنفا ثم أحاطوا بهم وهم يقاتلون بالخشب ليس لهم سلاح فقتلوا عن آخرهم ثلاثة آلاف أو سبعة آلاف. وكتب الحريشيّ إلى يزيد بن عبد الملك ولم يكتب لعمر بن هبيرة فأحفظه ذلك ثم سرّح الحريشيّ سليمان بن أبي السري إلى حصن يطيف به وراء الصغد ومعه خوارزم شاه وملك أجرون وسومان. فسار سليمان وعلى مقدمته المسيّب بن بشر الرياحي، ولقيه أهل الحصن فهزمهم ثم حاصرهم فسألوا الصلح على أن لا يعرض لسبيهم ويسلموا القلعة بما فيها فقبل. وبعث إلى الحريشيّ فقبضه [١] وبعث من قبضه. وسار الحريشيّ إلى كشّ ونسف حربا وخراجا سليمان بن أبي السريّ واستنزل مكانه آخر اسمه قشقري من حصنه على الأمان وجاء به إلى مرو فشنقه وصلبه.


[١] مقتضى السياق فقبله وبعث من قبضه.

<<  <  ج: ص:  >  >>