للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أربعمائة وخمسون من أصحابه بالقلعة، ورئيسهم جرير بن ميمون القاضي. فقال لهم الحرث: إن كنتم مفارقيّ ولا بدّ فاطلبوا الأمان، وإن طلبتموه بعد رحيلي لا يعطونه لكم، فأبوا إلّا أن ارتحل، فبعثوا بالأمان فلم يجبهم إليه. وسرّح جديعة الكرمانيّ في ستة آلاف فحصرهم حتى نزلوا على حكمه وحمل خمسين منهم إلى أسد فيهم ابن ميمون القاضي. فقتلهم وكتب إلى الكرماني بإهلاك الباقين واتخذ أسد مدينة بلخ دارا ونقل إليها الدواوين. ثم غزا طخارستان وأرض حبونة [١] فغنم وسبى.

[مقتل خاقان]

ولما كانت سنة تسع عشرة غزا أسد بن عبد الله بلاد الختّل فافتتح منها قلاعا وامتلأت أيدي العسكر من السبي والشاء وكثب بن السائحي [٢] صاحب البلاد يستجيش خاقان على العرب، ويضعفهم له فتجهز وخفف من الأزودة استعجالا للعرب فلما أحس به ابن السائحيّ بعث بالنذير إلى أسد فلم يصدّقه، فأعاد عليه إني الّذي استمددت خاقان لأنك معّرت البلاد، ولا أريد أن يظفر بك خشية من معاداة العرب واستطالة خاقان عليّ، فصدّقه حينئذ أسد وبعث الأثقال مع إبراهيم بن عاصم العقيليّ، الّذي كان ولي سجستان، وبعث معه المشيخة كثيّر بن أميّة، وأبا سفيان بن كثيّر الخزاعي وفضيل بن حيّان المهري وغيرهم وأمدّهما بجند آخر. وجاء في أثرهم فانتهى إلى نهر بلخ وقد قطعه إبراهيم بن عاصم بالسبي والأثقال، فخاض النهر من ثلاثة وعشرين موضعا، وحمل الناس شياههم حتى حمل هو شاة فما استكمل العبور حتى طلعت عليهم الترك وعلى المسلمة الأزد وتميم. فحمل خاقان عليهم فانكشفوا فرجع أسد إلى عسكره وخندق. وظنوا أنّ خاقان لا يقطع النهر فقطع النهر إليهم وقاتله المسلمون في معسكرهم وباتوا والترك محيطون بهم فلما أصبحوا لم يروا منهم أحدا فعلموا أنهم اتبعوا الأثقال والسبي، واستعلموا علمها من الطلائع، فشاور أسد الناس فأشاروا بالمقام وأشار نصر بن سيّار باتباعهم يخلص الأثقال ويقطع شقة لا بد من قطعها، فوافقه أسد وطيّر النذير إلى إبراهيم بن عاصم. وصبح خاقان للأثقال وقد خندقوا عليهم فأمر أهل الصغد بقتلهم فهزمتهم مسلحة المسلمين فصعد


[١] وفي الكامل لابن الأثير ج ٥ ص ١٩٨: حبوية. وفي نسخ اخرى: حبوية.
[٢] وفي الكامل لابن الأثير ج ٥ ص ٢٠٠: انسايجي.

<<  <  ج: ص:  >  >>