للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقتل الخصيب ثم خلّى عنه. وخشي المنصور أن يمضي إلى خراسان فكتب إليه بولاية مصر والشام فازداد نفارا، وخرج من الجزيرة يريد خراسان وسار المنصور إلى المدائن، وكتب إليه يستقدمه، فأجابه بالامتناع والمسك بالطاعة عن بعد، والتهديد بالخلع إن طلب منه سوى ذلك. فكتب إليه المنصور ينكر عليه هذا الشرط وأنه لا يحسن طاعة. وبعث إليه عيسى بن موسى برسالة يؤنسه ويسليه. وقيل بل كتب إليه أبو مسلم يعرّض له بالخلع وأنه قد تاب إلى الله مما جناه من القيام بدعوتهم، وأخذ أبو مسلم طريق حلوان وأمر المنصور عمّه عيسى ومشيخة بني هاشم بالكتاب على أبي مسلم يحرّضونه على التمسّك بالطاعة ويحذّرونه عاقبة البغي ويأمرونه بالمراجعة. وبعث الكتب مع مولاه أبي حميد المروروذي، وأمره بملاينته والخضوع له بالقول حتى ييأس منه، فإذا يئس يخبره بقسم أمير المؤمنين لأوكلت أمرك إلى غيري ولو خضت البحر لخضته وراءك ولو اقتحمت النار لاقتحمتها حتى أقتلك أو أموت. فأوصل أبو حميد الكتب وتلطّف له في القول ما شاء واحتجّ عليه بما كان منه في التحريض على طاعتهم، فاستشار أبو مسلم مالك بن الهيثم فأبى له من الإصغاء إلى هذا القول وقال والله لئن أتيته ليقتلنك. ثم بعث إلى نيزك صاحب الريّ يستشيره فأبى له من ذلك، وأشار عليه بنزول الريّ وخراسان من ورائه فيكون أمكن لسلطانه. فأجاب أبا حميد بالامتناع فلما يئس منه أبلغه مقالة المنصور فوجم طويلا ورعب من ذلك القول وأكبره. وكان المنصور قد كتب إلى عامل أبي مسلم بخراسان يرغّبه في الانحراف عنه بولاية خراسان فأجاب سرّا وكتب إلى أبي مسلم يحذّره الخلاف والمعصية فزاده ذلك رعبا وقال لأبي حميد قبل انصرافه: قد كنت عزمت على المضيّ إلى خراسان ثم رأيت أنّ أوجه أبا إسحاق إلى أمير المؤمنين يأتيني برايته فإنّي أثق به. ولما قدم أبو إسحاق تلقاه بنو هاشم وأهل الدولة بكل ما يجب وداخله المنصور في صرف أبي مسلم عن وجهة خراسان ووعده بولايتها، فرجع إليه وأشار عليه بلقاء المنصور، فاعتزم على ذلك واستخلف مالك بن الهيثم على عسكره بحلوان، وسار فقدم المدائن في ثلاثة آلاف، وخشي أبو أيوب وزير المنصور أن يحدث منه عند قدومه فتك فدعا بعض إخوانه وأشار عليه بأن يأتي أبا مسلم ويتوسل به إلى المنصور في ولاية كسكر ليعيب فيها مالا عظيما. وأن يشكر أخاه في ذلك، فإنّ أمير المؤمنين عازم أن يولّيه ما ورى به ويريح نفسه. واستأذن له المنصور في لقاء أبي مسلم فأذن

<<  <  ج: ص:  >  >>