للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الى مكة، ولم يتخلف عن محمد من وجوه الناس إلّا نفر قليل منهم: الضحّاك بن عثمان بن عبد الله بن خالد بن حرام [١] وعبد الله بن المنذر بن المغيرة بن عبد الله بن خالد وأبو سلمة بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر، وحبيب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير. واستفتى أهل المدينة مالكا [٢] في الخروج مع محمد وقالوا: في أعناقنا بيعة المنصور، فقال: إنما بايعتم مكرهين فتسارع الناس إلى محمد ولزم مالك بيته، وأرسل محمد إلى إسماعيل بن عبد الله بن جعفر يدعوه إلى بيعته، وكان شيخا كبيرا فقال: أنت والله وابن أخي مقتول فكيف أبايعك؟ فرجع الناس عنه قليلا وأسرع بنو معاوية بن عبد الله بن جعفر إلى محمد فجاءت جمادة [٣] أختهم إلى عمها إسماعيل وقالت: يا عم إنّ مقالتك ثبّطت الناس عن محمد وإخوتي معه، فأخشى أن يقتلوا فردّها، فيقال: إنها عدت عليه فقتلته، ثم حبس محمد بن خالد القسري بعد أن أطلقه واتهمه بالكتاب إلى المنصور فلم يزل في حبسه. ولما استوى أمر محمد ركب رجل من آل أويس بن أبي سرح اسمه الحسين بن صخر، وجاء إلى المنصور في تسع [٤] فخبّره الخبر فقال: أنت رأيته؟ قال: نعم. وكلمته على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم تتابع الخبر وأشفق المنصور من أمره واستشار أهل بيته ودولته. وبعث إلى عمّه عبد الله وهو محبوس يستشيره فأشار عليه بأن يقصد الكوفة فإنّهم شيعة لأهل البيت فيملك عليهم أمرهم ويحفّها بالمسالح حتى يعرف الداخل والخارج، ويستدعي سالم بن قتيبة من الريّ فيتحشّد معه كافة أهل الشام ويبعثه وأن يبعث العطاء في الناس، فخرج المنصور إلى الكوفة ومعه عبد الله بن الربيع بن عبد الله بن عبد المدان. ولما قدم الكوفة أرسل إلى يزيد يحيي وكان السفّاح يشاوره فأشار عليه بأن يشحن الأهواز بالجنود وأشار عليه جعفر بن حنظلة الهرّاني [٥] بأن يبعث الجند إلى البصرة. فلما ظهر إبراهيم بتلك الناحية تبيّن وجه إشارتهما. وقال المنصور لجعفر: كيف خفت البصرة؟ قال: لأنّ أهل المدينة ليسوا أهل حرب حبسهم أنفسهم، وأهل الكوفة تحت قدمك، وأهل الشام أعداء الطالبيّين، ولم


[١] ابن حزام: ابن الأثير ج ٥ ص ٥٣٢.
[٢] اي مالك بن أنس بن مالك.
[٣] حمّادة: ابن الأثير ج ٥ ص ٥٣٢.
[٤] اي في تسعة أيام.
[٥] جعفر بن حنظلة البهراني: ابن الأثير ج ٥ ص ٥٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>