للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والابتذال وعدم الحسب ومعناه أنّ كلّ شرف وحسب فعدمه سابق عليه شأن كلّ محدث ثمّ إنّ نهايته في أربعة آباء وذلك أنّ باني المجد عالم بما عاناه في بنائه ومحافظ على الخلال الّتي هي أسباب كونه وبقائه وابنه من بعده مباشر لأبيه فقد سمع منه ذلك وأخذه عنه إلّا أنّه مقصّر في ذلك تقصير السّامع بالشّيء عن المعاني له ثمّ إذا جاء الثّالث كان حظّه الاقتفاء والتّقليد خاصّة فقصّر عن الثّاني تقصير المقلّد عن المجتهد ثمّ إذا جاء الرّابع قصّر عن طريقتهم جملة وأضاع الخلال الحافظة لبناء مجدهم واحتقرها وتوهّم أنّ ذلك البنيان لم يكن بمعاناة ولا تكلّف وإنّما هو أمر وجب لهم منذ أوّل النّشأة بمجرّد انتسابهم وليس بعصابة ولا بخلال لما يرى من التّجلّة بين النّاس ولا يعلم كيف كان حدوثها ولا سببها ويتوهّم أنّه النّسب فقط فيربأ بنفسه عن أهل عصبيّته ويرى الفضل له عليهم وثوقا بما ربّي فيه من استتباعهم وجهلا بما أوجب ذلك الاستتباع من الخلال الّتي منها التّواضع لهم والأخذ بمجامع قلوبهم فيحتقرهم بذلك فينغّصون عليه ويحتقرونه ويديلون منه سواه من أهل ذلك المنبت ومن فروعه في غير ذلك العقب للإذعان لعصبيّتهم كما قلناه بعد الوثوق بما يرضونه من خلاله فتنمو فروع هذا وتذوي فروع الأوّل وينهدم بناء بيته هذا في الملوك وهكذا في بيوت القبائل والأمراء وأهل العصبيّة أجمع ثمّ في بيوت أهل الأمصار إذا انحطّت بيوت نشأت بيوت أخرى من ذلك النّسب «إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَما ذلِكَ عَلَى الله بِعَزِيزٍ ١٤: ١٩- ٢٠» [١] واشتراط الأربعة في الأحساب إنّما هو في الغالب وإلّا فقد يدّثر البيت من دون الأربعة ويتلاشى وينهدم وقد يتّصل أمرها إلى الخامس والسّادس إلّا أنّه في انحطاط وذهاب واعتبار الأربعة من قبل الأجيال الأربعة بان ومباشر له ومقلّد وهادم وهو أقلّ ما يمكن وقد اعتبرت الأربعة في نهاية الحسب في باب المدح والثّناء قال صلّى الله عليه وسلّم «إنّما الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن


[١] سورة فاطر الآية: ١٦ و ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>