للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العهد والبيعة لموسى الهادي بن المهدي، ونمي ذلك إلى المهدي فسرّ به واستقدم عيسى بن موسى من منزله بالرحبة من أعمال الكوفة فامتنع من القدوم. فاستعمل المهدي على الكوفة روح بن حاتم وأوصاه بالإضرار فلم يجد سبيلا إلى ذلك. وكان عيسى لا يدخل الكوفة إلا يوم جمعة أو عيد. وبعث إليه المهدي يتهدّده فلم يجب، ثم بعث عمه العبّاس يستقدمه فلم يحضر، فبعث قائدين من الشيعة فاستحضراه إليه، وقدم على عسكر المهدي وأقام أياما يختلف إليه ولا يكلّم بشيء. وحضر الدار يوما وقد اجتمع رؤساء الشيعة لخلعه فثاروا به وأغلق الباب الّذي كان خلفه فكسروه، وأظهر المهدي النكير عليهم فلم يرجعوا إلى أن كاشفه أكابر أهل بيته وأشدّهم محمد بن سليمان واعتذر بالإيمان التي عليه. فأحضر المهدي القضاة والفقهاء وفيهم محمد بن علاثة ومسلم بن خالد الزنجيّ، فأفتوه بمخارج الإيمان وخلع نفسه وأعطاه المهدي عشرة آلاف درهم [١] وضياعا بالزّاب وكسكر وبايع لابنه موسى الهادي بالعهد. ثم جلس المهدي من الغد وأحضر أهل بيته وأخذ بيعتهم وخرج إلى الجامع وعيسى معه فخطب وأعلم الناس ببيعة الهادي ودعاهم إليها فبادروا وأشهد عيسى بالخلع.

[فتح باربد من السند]

وبعث المهدي سنة تسع وخمسين عبد الملك بن شهلب المسمعي في جمع كثير من الجند والمقطوعة إلى بلاد الهند فركبوا البحر من فارس ونزلوا بأرض الهند، وفتحوا باربد فافتتحوها عنوة، ولجأ أهلها إلى البدّ فأحرقوه عليهم فاحترق بعض وقتل الباقون، واستشهد من المسلمين بضعة وعشرون وأقاموا بعض أيام إلى أن يطيب الريح فوقع فيهم موتان فهلك ألف فيهم إبراهيم بن صبيح. ثم ركبوا البحر إلى فارس فلما انتهوا إلى ساحل حرّان عصفت بهم الريح فانكسرت عامّة مراكبهم وغرق الكثير منهم.

[حج المهدي]

وفي سنة ستين حج المهدي واستخلف على بغداد ابنه الهادي، وخاله يزيد بن منصور، واستصحب ابنه هارون وجماعة من أهل بيته، وكان معه الوزير يعقوب بن


[١] عشرة آلاف ألف درهم: ابن الأثير ج ٦ ص ٤٥ وهو الأصح.

<<  <  ج: ص:  >  >>