للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك. وكانت سنة ثلاث وتسعين بين هرثمة وبين أصحاب رافع وقعة كان الظفر فيها لهرثمة وأسر بشرا أخا رافع وبعث به إلى الرشيد وافتتح بخارى. وكان الرشيد قد سار من الرقّة بعد مرجعه من الصائفة التي بني فيها طرسوس على اعتزام خراسان لشأن رافع، وكان قد أصابه المرض، فاستخلف على الرقّة ابنه القاسم وضمّ إليه خزيمة بن خازم، وجاء إلى بغداد، ثم سار منها إلى خراسان في شعبان سنة اثنتين وتسعين واستخلف عليها ابنه الأمين، وأمر المأمون بالمقام معه فأشار عليه الفضل بن سهل بأن يطلب المسير مع الرشيد، وحذّره البقاء مع الأمين فأسعفه الرشيد بذلك وسار معه.

[وفاة الرشيد وبيعة الأمين]

ولما سار الرشيد عن بغداد إلى خراسان بلغ جرجان في سفر سنة ثلاث وتسعين وقد اشتدّت عليه، فبعث ابنه المأمون إلى مرو ومعه جماعة من القوّاد عبد الله بن مالك ويحيى بن معاذ وأسد بن خزيمة [١] والعبّاس بن جعفر بن محمد بن الأشعث والسديّ والحريشيّ [٢] ونعيم بن خازم، ثم سار الرشيد إلى موسى واشتدّ به الوجع وضعف عن الحركة وثقل فأرجف الناس بموته، وبلغه ذلك فأراد الركوب ليراه الناس فلم يطق النهوض فقال: ردّوني. ووصل إليه وهو بطوس بشير أخو رافع أسيرا بعث به هرثمة بن أعين فأحضره وقال: لو لم يبق من أجلي إلا حركة شفتي بكلمة لقلت اقتلوه. ثم أمر قصّابا ففصل أعضاءه ثم أغمي عليه وافترق الناس. ولما يئس من نفسه أمر بقبره فحفر في الدار التي كان فيها وأنزل فيه قوما قرءوا فيه القرآن حتى ختموه وهو في محفة على شفيره ينظر إليه وينادي وا سوأتاه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم مات وصلّى عليه ابنه صالح وحضر وفاته الفضل بن الربيع وإسماعيل بن صبيح ومسرور وحسين ورشيد. وكانت خلافته ثلاثا وعشرين سنة أو تزيد وترك في بيت المال تسعمائة ألف ألف دينار. ولما مات الرشيد بويع الأمين في العسكر صبيحة يومه، والمأمون يومئذ بمرو وكتب حمويّة مولى المهدي صاحب البريد إلى نائبة ببغداد وهو سلام أبو مسلم يعلمه بوفاة الرشيد وهنأه بالخلافة فكان أوّل من فعل ذلك. وكتب صالح إلى أخيه الأمين مع رجاء الخادم بوفاة الرشيد، وبعث معه بالخاتم والبردة


[١] أسد بن يزيد: ابن الأثير ج ٦ ص ٢١٢.
[٢] السندي الحرشيّ: ابن الأثير ج ٦ ص ٢١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>