للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقضيب، فانتقل الأمين من قصره بالخلد إلى قصر الخلافة وصلّى بالناس الجمعة وخطب ثم نعى الرشيد وعزّى نفسه والناس، وبايعته جملة أهله ووكّل سليمان بن المنصور وهم [١] عم أبيه وأمّه بأخذ البيعة على القوّاد وغيرهم. ووكّل السّنديّ بأخذ البيعة على الناس سواهم، وفرّق في الجند ببغداد رزق سنين. وقدمت أمّه زبيدة من الرقّة فلقيها الأمين بالأنبار في جمع من بغداد من الوجوه، وكان معها خزائن الرشيد، وكان قد كتب إلى معسكر الرشيد وهو حيّ مع بكر بن المعتمر لما اشتدت علّة الرشيد وإلى المأمون بأخذ البيعة لهم وللمؤتمن أخيهما، وإلى أخيه صالح بالقدوم بالعسكر والخزائن والأموال برأي الفضل. وإلى الفضل بالاحتفاظ على ما معه من الحرم والأموال، وأقر كل واحد على عمله كصاحب الشرطة والحرس والحجابة. وكان الرشيد قد سمع بوصول بكر بالكتاب فدعاه ليستخرجها سنه فجحدها فضربه وحبسه. ثم مات الرشيد وأحضره الفضل فدفعها إليه ولما قرءوا الكتاب تشاوروا في اللحاق بالأمين وارتحل الفضل بالناس لهواهم في وطنهم وتركوا عهود المأمون. فجمع المأمون من كان عنده من قوّاد أبيه وهم عبد الله بن مالك ويحيى بن معاذ وشبيب بن حميد بن قحطبة والعلاء مولى الرشيد وكان على حجابته والعبّاس بن المسيّب بن زهير وكان على شرطته وأيوب بن أبي سمير وهو على كتابته وعبد الرحمن بن عبد الملك ابن صالح وذو الرئاستين الفضل بن سهل وهو أخصهم به وأحظاهم عنده، فأشار بعضهم أن يركب في أثرهم ويردّهم ومنعه الفضل من ذلك وقال: أخشى عليك منهم ولكن تكتب وترسل رسولك إليهم تذكّرهم البيعة والوفاء، وتحذّرهم الحنث، فبعث سهل بن صاعد ونوفلا الخادم بكتابه إليهم بنيسابور فقرأ الفضل كتابة وقال:

أنا واحد من الجند. وشدّ عبد الرحمن برجليه على سهل ليطعنه بالرمح وقال: لو كان صاحبك حاضرا لوضعته فيه وسبّ المأمون وانصرفوا، ورجع سهل ونوفل بالخبر إلى المأمون فقال له الفضل بن سهل: هؤلاء أعداء استرحت منهم وأنت بخراسان، وقد خرج بها المقنّع وبعده يوسف البر فتضعضعت لهما الدولة ببغداد، وأنت رأيت عند خروج رافع بن الليث كيف كان الحال، وأنت اليوم نازل في أخوالك وبيعتك في أعناقهم، فاصبر وأنا أضمن لك الخلافة. فقال المأمون: قد فعلت وجعلت الأمر إليك فقال: إنّ عبد الله بن مالك والقوّاد أنفع مني لشهرتهم وقوّتهم وأنا خادم


[١] لعلها هو عم.

<<  <  ج: ص:  >  >>