للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها في أقل من أربعة آلاف فارس. وأشار عليه أحمد بن هشام كبير جند خراسان أن ينادي بخلع الأمين وبيعة المأمون لئلا يخادعه عليّ بن عيسى بطاعة الأمين وأنه عامله ففعل، وقال عليّ لأصحابه بادروهم فإنّهم قليل ولا يصبرون على حدّ السيوف وطعن الرماح، وأحكم تعبية جنده وقدّم بين يديه عشر رايات مع كل راية ألف رجل، وبين كل رايتين غلوة سهم ليقاتلوا نوبا. وعبّى طاهر أصحابه كراديس وحرّضهم وأوصاهم، وهرب من أصحاب طاهر جماعة فجلدهم عليّ وأهانهم، فأقصر الباقون وجدّوا في قتاله. وأشار أحمد بن هشام على طاهر بأن يرفع كتاب البيعة على رمح ويذكّر علي بن عيسى بها نكثه. ثم اشتدّ القتال وحملت ميمنة عليّ فانهزمت ميسرة طاهر وكذلك ميسرته على ميمنة طاهر فأزالوها، واعتمد طاهر القلب فهزموهم ورجعت المجنبتان منهزمة وانتهت الهزيمة إلى علي وهو ينادي بأصحابه فرماه رجل من أصحاب طاهر بسهم فقتله وجاء برأسه إلى طاهر، وحمل شلوه على خشبة وألقي في بئر بأمر طاهر. وأعتق طاهر جميع غلمانه شكرا للَّه وتمت الهزيمة. واتبعهم أصحاب طاهر فرسخين واقفوهم فيها اثنتي عشرة مرّة يقتلونهم في كلها ويأسرونهم حتى جنّ الليل بينهم. ورجع طاهر إلى الريّ وكتب إلى الفضل: كتابي إلى أمير المؤمنين ورأس علي بين يدي وخاتمة في إصبعي، وجنده متصرّفون تحت أمري والسلام. وورد الكتاب على البريد في ثلاثة أيام فدخل الفضل على المأمون وهنّأه بالفتح ودخل الناس فسلّموا عليه بالخلافة ووصل رأس عليّ بعدها بيومين وطيف به في خراسان، ووصل الخبر إلى الأمين بمقتل علي وهزيمة العسكر فأحضر الفضل بن الربيع وكيل المأمون ببغداد وهو نوفل الخادم فقبض ما بيده من ضياعه وغلّاته وخمسين ألف ألف درهم كان الرشيد وصّاه بها وندم الأمين على فعله، وسعت الجند والقوّاد في طلب الأرزاق فهمّ عبد الله بن حاتم بقتالهم فمنعه الأمين وفرّق فيهم أموالا.

[مسير ابن جبلة إلى طاهر ومقتله]

ولما قتل علي بن عيسى بعث الأمين عبد الرحمن بن الأنباري في عشرين ألف فارس إلى همذان، وولّاه عليها وعلى كل ما يفتحه من بلاد خراسان وأمدّه بالمال، فسار إلى همذان وحصّنها وجاءه طاهر فبرز إليه ولقيه، فهزمه طاهر إلى البلد. ثم خرج عبد الرحمن ثانية فانهزم إلى المدينة وحاصره طاهر حتى ضجر منه أهل المدينة وطلب الأمان من طاهر وخرج من همذان. وكان طاهر عند نزوله عليها قد خشي من

<<  <  ج: ص:  >  >>