للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعليها البرمكي والمدد متصل له كل يوم، فقدم قريش بن شبل، فلما أشرف عليهم وأخذ البرمكي في التعبية فكانت لا تتمّ له، فأطلق سبيل الناس وركب بعضهم بعضا نحو بغداد، وملك طاهر لمدائن ونواحيها ثم نزل صرصر وعقد بها جسرا.

[بيعة الحجاز للمأمون]

ولما أخذ الأمين كتب العهد من مكة وأمر داود بن عيسى، وكان على مكة والمدينة بخلع المأمون قام في الناس ونكر نقض العهد، وذكّرهم ما أخذ الرشيد عليهم من الميثاق لابنيه في المسجد الحرام أن يكونوا على الظالم، وأنّ محمدا بدأ بالظلم والنكث وخلع أخويه وبايع لطفل صغير رضيع، وأخذ الكتابين من الكعبة فحرقهما ظلما ثم دعا إلى خلعه والبيعة للمأمون فأجابوه، ونادى بذلك في شعاب مكّة وخطبهم.

وكتب إلى ابنه سليمان بالمدينة بمثل ذلك ففعله، وذلك في رجب سنة ست وتسعين.

وسار من مكة على البصرة وفارس وكرمان إلى المأمون وأخبره فسرّ بذلك وولّاه مكانه وأضاف إليه ولاية عكّ وأعطاه خمسمائة ألف درهم وسيّر معه ابن أخيه العبّاس بن موسى بن عيسى بن موسى على الموسم ويزيد بن جرير بن مزيد بن خالد القسريّ في جند كثيف عاملا على اليمن ومرّوا بطاهر وهو محاصر بغداد فأكرمهم وأقام يريد اليمن فبايعوه للمأمون وأطاعوه.

[حصار بغداد واستيلاء طاهر عليها ومقتل الأمين]

ولما اتصلت بالأمين هذه الأحوال وقتل الحسين بن علي بن عيسى، شمّر لحرب طاهر واستعدّ له وعقد في شعبان سنة ست وتسعين وأربعمائة [١] شتى وأمر عليهم عليّ بن محمد بن عيسى نهيك، وأمرهم بالمسير إلى هرثمة فساروا إليه والتقوا بنواحي النهروان في رمضان فانهزموا وأسر قائدهم عليّ بن محمد فبعث به هرثمة إلى المأمون وترك النهروان، وأقام طاهر بصرصر والجيوش تتعاقب من قبل الأمين فيهزمها. ثم بذل الأمين الأموال ليستفسد بها عساكرهم فسار إليه من عسكر طاهر نحو من خمسة آلاف ففرّق فيهم الأموال وقوّد جماعة من الحربيّة ودسّ إلى رؤساء


[١] بياض في الأصل وفي الكامل ج ٦ ص ٢٦٧: «وفي هذه السنة اي سنة ست وتسعين ومائة عقد محمد الأمين في رجب وشعبان، نحوا من اربعمائة لواء لقوّاد شتى، وأمّر عليهم عليّ بن محمّد بن عيسى بن نهيك ... »

<<  <  ج: ص:  >  >>