للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجند في عسكر طاهر ورغّبهم فشغبوا على طاهر وسار كثير منهم إلى الأمين، وانضموا إلى قوّاد الحربية وقوّاد بغداد وساروا إلى صرصر. فعبّى أصحابه كراديس وحرّضهم ووعدهم.

ثم تقدّم فقاتلهم مليّا من النهار وانهزم أصحاب الأمين، وغنم أصحاب طاهر عسكرهم.

ولما وصلوا إلى الأمين فرّق فيهم الأموال وقوّد منهم جماعة ولم يعط المنهزمين شيئا ودس إليهم طاهر واستمالهم فشغبوا على الأمين فأمر هؤلاء المحدثين بقتالهم وطاهر يراسلهم وقد أخذ رهائنهم على الطاعة، وأعطاهم الأموال. فسار فنزل باب الأنبار بقوّاده وأصحابه واستأمن إليه كثير من جند الأمين، وثارت العامّة وفتقت السجون، ووثب الشطّار على الأخيار ونزل زهير بن مسيّب الضبيّ من ناحية، ونصب المجانيق والعرّادات، وحفر الخنادق ونزل هرثمة بناحية أخرى وفعل مثل ذلك. ونزل عبيد الله بن الوضّاح بالشماسيّة ونزل طاهر بباب الأنبار فضيّق على الأمين بمنزله ونفد ما كان بيد الأمين من الأموال، وأمر ببيع ما في الخزائن من الأمتعة وضرب آنية الذهب والفضة ليفرّقها في الجند، وأحرق الحديثة فمات بها خلق، واستأمن سعيد ابن مالك بن قادم إلى طاهر فولّاه الأسواق وشاطئ دجلة، وأمره بحفر الخنادق وبناء الحيطان وكل ما غلب عليه من الدروب، وأمده بالرجال والأموال. ووكّل الأمين بقصر صالح وقصر سليمان بن المنصور إلى دجلة بعض قوّاده فألحّ في إحراق الدور والرمي بالمجانيق وفعل طاهر مثل ذلك. وكثر الخراب ببغداد وصار طاهر يخندق على ما يمكنه من النواحي ويقاتل من لم يجبه، وقبض ضياع من لم يخرج إليه من بني هاشم والقوّاد وعجز الأجناد عن القتال. وقام به الباعة والعيّارون وكانوا ينهبون أموال الناس. واستأمن إليه القائد الموكّل بقصر صالح فأمّنه وسلّم إليه ما كان بيده من تلك الناحية في جمادى الأخيرة من سنة سبع. واستأمن إليه محمد بن عيسى صاحب الشرطة فوهن الأمين. واجتمع العيّارون والباعة والأجناد وقاتلوا أصحاب طاهر في قصر صالح، وقتلوا منهم خلقا وكاتب طاهر القوّاد بالأمان وبيعة المأمون فأجابه بنو قحطبة كلّهم ويحيى بن علي بن ماهان ومحمد بن أبي العبّاس الطائي وغيرهم. وفشل الأمين وفوّض الأمر إلى محمد بن عيسى بن نهيك وإلى الحسن الهرش، ومعهم الغوغاء يتولون أمر تلك الفتنة. وأجفل الناس من بغداد وافترقوا في البلاد. ولما وقع بطاهر في قصر صالح ما وقع بأصحابه شرع في هدم المباني وتخريبها ثم قطع الميرة عنهم وصرف السفن التي تحمل فيها إلى الفرات. فغلت الأسعار

<<  <  ج: ص:  >  >>