للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكة كما ذكرناه عاث فيها ونزع كسوة الكعبة وكساها بأخرى من الغد أنفذها أبو السرايا من الكوفة وتتبع ودائع بني العباس وجعلها ذريعة لأخذ أموال الناس فخرجوا من مكة. وقلع أصحابه شبابيك الحرم وقلع ما على الأساطين من الذهب واستخرج ما كان في الكعبة من المال فقسمه في أصحابه وساء أثره في الناس. فلما قتل أبو السرايا تنكروا له فخشي على نفسه فجاء إلى محمد بن جعفر ليبايع له بالخلافة فلم يزل به هو وابنه حسن واستعانا عليه بابنه علي حتى بايعوه ودعوه بأمير المؤمنين. واستبدّ عليه ابنه عليّ وابن الأفطس بأسوا مما كان قبل، وأفحشوا في الزنا واللواط واغتصاب النساء والصبيان، فاجتمع الناس على خلع محمد بن جعفر أو يردّ إليهم ابن القاضي كان مغتصبا ببيت ابنه عليّ، فاستأمنهم حتى ركب إلى بيت ابنه وسلّم إليهم الغلام.

وجاء إسحاق بن موسى بن عيسى من اليمن فاجتمع الناس وخندقوا مكة وقاتلهم إسحاق وامتنعوا عليه فسار نحو العراق ولقي الجند الذين بعثهم هرثمة إلى مكة مع الجلودي ورجاء بن جميل، وهو ابن عم الحسين بن سهل. فرجع بهم وقاتل الطالبيّين فهزمهم وافترقوا، واستأمن إليه محمد بن جعفر فأمّنه وملك مكة وسار محمد ابن جعفر إلى الجحفة، ثم إلى بلاد جهينة فجمع وقاتل هارون بن المسيّب والي المدينة، فانهزم محمد وفقئت عينه وقتل خلق من أصحابه ورجع إلى موضعه. ولما انقضى الموسم استأمن الجلودي ورجاء بن جميل فأمّناه ودخل مكة وخطب واعتذر عما فعله بأنه بلغه موت المأمون ثم صح أنه حيّ، وخلع نفسه وسار إلى الحسن والي المأمون بمرو فلم يزل عنده إلى أن سار المأمون إلى العراق فمات بجرجان في طريقه.

[مقتل هرثمة]

لما فرغ هرثمة من أبي السرايا رجع، وكان الحسن بن سهل بالمدائن فلم يعرج عليه وسار على عقرقوبا إلى النهروان قاصدا خراسان، ولقيته كتب المأمون متلاحقة أن يرجع إلى الشام والحجاز، فأبى إلّا لقاءه دالة عليه بما سبق له من نصحه له ولآبائه.

وكان قصد أن يطلع المأمون على حال الفضل بن سهل في طيّه الأخبار عنه وما عند الناس من القلق بذلك، وباستبداده عليه ومقامه بخراسان وعلم الفضل بذلك فأغرى به المأمون وألقى إليه انه سلّط أبا السرايا وهو من جنده وقد خالف كتبك وجاء معاندا سيّئ القالة، وإن سومح في ذلك اجترأ غيره فسخطه المأمون وبقي في

<<  <  ج: ص:  >  >>