للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثلاثين من العدول فأشهدهم بما وقف من الضياع، ثلثا لولده وثلثا لمواليه، وثلثا لوجه الله. وسار فعسكر بقرى دجلة لليلتين من جمادى الأولى وبعث عجيف بن عنبسة وعمر الفرغانيّ وجماعة من القوّاد مددا لأهل زبطرة، فوجدوا الروم قد ارتحلوا عنها فأقاموا حتى تراجع الناس واطمأنوا. ولما ظفر ببابك سأل أيّ بلاد الروم أعظم عندهم فقيل له عمّورية، فتجهّز إليها بما لا يماثله أحد قبله من السلاح والآلة والعدد، وحياض الأدم والقرب والروايا وجعل مقدّمته أشناس، وبعده محمد بن إبراهيم بن مصعب وعلى الميمنة إيتاخ، وعلى الميسرة جعفر بن دينار الخيّاط، وعلى القلب عجيف بن عنبسة، وجاء إلى بلاد الروم فأقام بسلوقيّة على نهر السنّ قريبا من البحر، وعلى مسيرة يوم من طرطوس [١] وبعث الأفشين إلى سروج وأمره بالدخول من درب الحرث [٢] وبعث أشناس من درب طرطوس وأمره بانتظاره بالصفصاف، وقدّم وصيفا في أثر أشناس وواعدهم يوم اللقاء. ورحل المعتصم لست بقين من رجب. وبلغه الخبر أنّ ملك الروم عازم على كبس مقدمته فبعث إلى أشناس بذلك وأن يقيم ثلاثة أيام ليلحق به. ثم كتب إليه أن يبعث إليه من قوّاده من يأتيه بخبر الروم وملكهم فبعث عمر الفرغاني في مائتي فارس، فطاف في البلاد وأحضر جماعة عند أشناس أخبروه بأنّ ملك الروم بينما هو ينتظر المقدمة ليواقعها إذ جاءه الخبر بأنّ العساكر دخلت من جهة أرمينية [٣] يعني عسكر الأفشين، فاستخلف ابن خاله على عسكره وسار إلى تلك الناحية فوجه أشناس بهم إلى المعتصم. وكتب المعتصم إلى الأفشين بالمقام حذرا عليه وجعل لمن يوصل الكتاب عشرة آلاف درهم، وأوغل في بلاد الروم فلم يدركه الكتاب. وكتب المعتصم إلى أشناس بأن يتقدّم والمعتصم في أثره حتى إذا كانوا على ثلاث مراحل من أنقرة أسر أشناس في طريقه جماعة من الروم فقتلهم، وقال لهم شيخ منهم: أنا أدلك على قوم هربوا من أنقرة معهم الطعام والشعيرة فبعث معه مالك بن كرد [٤] في خمسمائة فارس فدلّ بهم إلى مكان أهل أنقرة فغنموا منهم ووجدوا فيهم جرحى قد حضروا وقعة ملك الروم مع الأفشين، وقالوا: لما استخلف على عسكره سار إلى ناحية أرمينية فلقينا


[١] طرسوس: ابن الأثير ج ٦ ص ٤٨١.
[٢] درب الحدث: ابن الأثير ج ٦ ص ٤٨١.
[٣] الارمذياق: ابن الأثير ج ٦ ص ٤٨١.
[٤] مالك بن كيدر: ابن الأثير ج ٦ ص ٤٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>