للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأفشين بذلك بأنه دفع المال إلى الجند ليوجّههم إلى الترك فكتب إليه أفشين مالي ومال أمير المؤمنين واحد، وسأله في إطلاق القوم فأطلقهم واستحكمت الوحشة بينهما وتتابعت السعاية فيه من طاهر، وربما فهم الأفشين أن المعتصم يعزله عن خراسان فطمع في ولايتها، وكان مازيار يحسن له الخلافة ليدعو المعتصم ذلك إلى عزله وولاية الأفشين لحرب مازيار. فكان من أمر مازيار ما ذكرناه وسيق إلى بغداد مقيّدا، وولّى المعتصم الأفشين على أذربيجان فولّى عليها من قبله منكجور من بعض قرابته فاستولى على مال عظيم لبابك. وكتب به صاحب البريد إلى المعتصم فكذّبه منكجور وهمّ بقتله، فمنعه أهل أردبيل فقاتلهم، وسمع ذلك المعتصم فأمر الأفشين بعزل منكجور وبعث قائدا في عسكره مكانه، فخلع منكجور وخرج من أردبيل فهزمه القائد ولحق ببعض حصون أذربيجان كان بابك خرّبه، فأصلحه وتحصّن فيه شهرا ثم وثب فيه أصحاب وأسلموه إلى القائد، فقدم به إلى سامرا فحبسه المعتصم واتّهم الأفشين في أمره وذلك سنة خمس وعشرين ومائتين بأنّ القائد كان بغا الكبير وأنه خرج إليه بالأمان انتهى ولما أحس الأفشين بتغير المعتصم أجمع أمره على الفرار واللحاق بأرمينية، وكانت في ولايته ويخرج منها إلى بلاد الخزر ويرجع إلى بلاد أشر وسنّة، وصعب عليه ذلك بمباشرة المعتصم أمره فأراد أن يتّخذ لهم صنيعا يشغلهم فيه نهارهم، ثم يسير من أوّل الليل. وعرض له في أثناء ذلك غضب على بعض مواليه وكان سيّئ الملكة فأيقن مولاه بالهلكة، وجاء إلى إتياخ فأحضره إلى المعتصم وخبّره الخبر فأمره بإحضاره وحبسه بالجوسق، وكان ابنه الحسن عاملا على بعض ما وراء النهر فكتب المعتصم إلى عبد الله بن طاهر في الاحتيال عليه، وكان يشكو من نوح بن أسد صاحب بخارى. فكتب ابن طاهر إلى الحسن بولاية بخارى وكتب إلى نوح بذلك وأن يستوثق منه إذا وصل إليه ويبعث به، ثم يبعث به إلى ابن طاهر، ثم إلى المعتصم. ثم أمر المعتصم بإحضار الأفشين ومناظرته فيما قيل عنه، فأحضر عند الوزير محمد بن عبد الملك بن الزيّات وعنده القاضي أحمد بن أبي دواد وإسحاق بن إبراهيم وجماعة القوّاد والأعيان، وأحضر المازيار من محبسه والمؤيد والمرزبان بن تركش [١] أحد ملوك الصغد، ورجلان من أهل الصغد يدّعيان أنّ الأفشين ضربهما وهما إمام ومؤذن بمسجد. فكشفا عن ظهورهما وهما عاريان من


[١] الموبذ، والمرزبان بن بركش: ابن الأثير ج ٦ ص ٥١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>