للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[انتقاض أهل حمص [١]]

وفي سنة سبع وثلاثين وثب أهل حمص بعاملهم أبي المغيث موسى بن إبراهيم الرافعيّ بسبب أنه قتل بعض رؤسائهم فأخرجوه وقتلوا من أصحابه، فولّى مكانه محمد بن عبدويه الأنباري فأساء إليهم وعسف فيهم فوثبوا به، وأمره المتوكّل بجند من دمشق والرملة فظفر بهم وقتل منهم جماعة، وأخرج النصارى منها وهدم كنائسهم وأدخل منها بيعة في الجامع كانت تجاوره.

[اغارة البجاة على مصر]

كانت الهدنة بين أهل مصر والبجاة من لدن الفتح، وكان في بلادهم معادن الذهب يؤدّون منها الخمس إلى أهل مصر، فامتنعوا أيام المتوكّل وقتلوا من وجدوه من المسلمين بالمعادن، وكتب صاحب البريد بذلك إلى المتوكّل فشاور الناس في غزوهم فأخبروه أنهم أهل إبل وشاء وأن بين بلادهم وبلاد المسلمين مسيرة شهر ولا بدّ فيها من الزاد، إن فنيت الأزواد هلك العسكر فأمسك عنهم. وخاف أهل الصغد [٢] من شرّهم، فولى المتوكل محمد بن عبد الله القمّيّ على أسوان وقفط والأقصر وأستا وأرمنت، وأمره بحرب البجاة. وكتب إلى عنبسة بن إسحاق الضبّيّ عامل مصر بتجهيز العساكر معه وأزاحه عليهم فسار في عشرين ألفا من الجند والمتطوّعة، وحملت المراكب من القلزم بالدقيق والتمر والأدم إلى سواحل بلاد البجاة وانتهى إلى حصونهم وقلاعهم. وزحف إليه ملكهم واسمه علي بابا في أضعاف عساكرهم على المهاري [٣] ، وطاولهم علي بابا رجاء أن تفنى أزوادهم فجاءت المراكب وفرّقها القمّيّ في أصحابه، فناجزهم البجاة الحرب وكانت إبلهم نفورة، فأمر القمّيّ جنده باتخاذ الأجراس بخيلهم. ثم حملوا عليهم فانهزموا وأثخن فيهم قتلا وأسرا حتى استأمنوا على أداء الخراج لما سلف ولما يأتي وأن يرد إلى مملكته، وسار مع القمّيّ إلى المتوكل واستخلف ابنه، فخلع القمّيّ عليه وعلى أصحابه، وكسا أرجلهم الجلال


[١] ذكر ابن الأثير هذه الحادثة في حوادث سنة ٢٤٠ وسنة ٢٤١.
[٢] مقتضى السياق: أهل الصعيد كما في الكامل لابن الأثير ج ٧ ص ٧٨.
[٣] المهاري: إبل فره.

<<  <  ج: ص:  >  >>