للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العرب من الأمم وكذا حال الملثّمين من المغرب لمّا نزعوا إلى الملك طفروا من الإقليم الأوّل ومجالاتهم منه في جوار السّودان إلى الإقليم الرّابع والخامس في ممالك الأندلس من غير واسطة وهذا شأن هذه الأمم الوحشيّة فلذلك تكون دولتهم أوسع نطاقا وأبعد من مراكزها نهاية «وَالله يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ ٧٣: ٢٠» [١] وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ ١٣: ١٦ لا شريك له.

[الفصل الثاني والعشرون في أن الملك إذا ذهب عن بعض الشعوب من أمة فلا بد من عوده إلى شعب آخر منها ما دامت لهم العصبية]

والسّبب في ذلك أنّ الملك إنّما حصل لهم بعد سورة الغلب والإذعان لهم من سائر الأمم سواهم فيتعيّن منهم المباشرون للأمر الحاملون سرير الملك ولا يكون ذلك لجميعهم لما هم عليه من الكثرة الّتي يضيق عنها نطاق المزاحمة والغيرة الّتي تجدع أنوف كثير من المتطاولين للرّتبة فإذا تعيّن أولئك القائمون بالدّولة انغمسوا في النّعيم وغرقوا في بحر التّرف والخصب واستعبدوا إخوانهم من ذلك الجيل وأنفقوهم في وجوه الدّولة ومذاهبها وبقي الّذين بعدوا عن الأمر وكبحوا عن المشاركة في ظلّ من عزّ الدّولة الّتي شاركوها بنسبهم وبمنجاة من الهرم لبعدهم عن التّرف وأسبابه فإذا استولت على الأوّلين الأيّام وأباد غضراءهم الهرم فطبختهم الدّولة وأكل الدّهر عليهم وشرب بما أرهف النّعيم من حدّهم واستقت غريزة التّرف من مائهم وبلغوا غايتهم من طبيعة التّمدّن الإنسانيّ والتّغلّب السّياسيّ (شعر) :

كدود القزّ ينسج ثمّ يفنى ... بمركز نسجه في الانعكاس


[١] سورة المزّمل الآية ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>