للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن الحسين بفارس طوق بن الغلس خليفة على كرمان، وسار يعقوب الصفّار من سجستان فسبقه طوق واستولى عليها وأقام يعقوب بمكانه قريبا منها يترقب خروج طوق إليه. وبعد شهرين ارتحل إلى سجستان فوضع طوق أوزار الحرب وأقبل على اللهو، واتصل ذلك بيعقوب في طريقه، فكرّ راجعا وأغذّ السير فصادفه بعد يومين، وركب أصحابه وقد أحيط بهم ففرّوا ناجين بأنفسهم، وملك يعقوب كرمان وحبس طوق.

وبلغ الخبر إلى عليّ بن الحسين وهو على شيراز، فجمع جيشه ونزل على مضيق شيراز، وأقبل عليه يعقوب حتى نزل قبالته، والمضيق متوعّر بين جبل ونهر ضيق المسلك بينهما، فاقتحم يعقوب النهر بينهما وأجاز إلى عليّ بن الحسين وأصحابه فانهزموا، وأخذ عليّ أسيرا واستولى على جميع عسكره، ودخل شيراز وملكها وجبى الخراج ورجع إلى سجستان وذلك سنة خمس وخمسين. ويقال بل وقع بينهما بعد عبور النهر حرب شديدة انهزم آخرها عليّ وكان عسكره نحوا من خمسة عشر ألفا من الموالي والأكراد، ورجعوا منهزمين إلى شيراز آخر يومهم وازدحموا في الأبواب وافترقوا في نواحي فارس وانتهوا إلى الأهواز، وبلغ القتلى منهم خمسة آلاف. ولما دخل يعقوب وملك فارس امتحن عليّا وأخذ منه ألف بردة [١] ومن الفرش والسلاح والآلة ما لا يحدّ، وكتب إلى الخليفة بطاعته وأهدى هدية جليلة يقال منها عشر بازات بيض وباز أبلق صيني ومائة نافجة من المسك وغير ذلك من الطرف ورجع إلى سجستان، ثم استعاد الخليفة بعد ذلك فارس وبعث عماله إليها.

[ابتداء دولة ابن طولون بمصر]

كان بابكيال من أكابر قوّاد الأتراك مع بغا ووصيف وسيما الطويل، ولمّا حدثت هذه الفتن وتغلبوا على الخلفاء أخذوا الأعمال والنواحي في اقطاعهم، فاقطع المعتز بابكيال هذا أعمال مصر وبها يومئذ ابن مدبّر، وكان بابكيال مقيما بالحفيدة فنظر فيمن يستخلفه عليها وكان أحمد بن طولون من أبناء الأتراك وأبوه من سبي فرغانة وربّي في دار الخلفاء، ونشأ ابنه أحمد بها على طريقة مستقيمة لبابكيال خاله، وأشير عليه بتوليته فبعثه على مصر فاستولى عليها أوّلا دون أعمالها والاسكندرية، ثم قتل المعتز بابكيال وصارت مصر في اقطاع بارجوع الترك [٢] وكان بينه وبين أحمد بن طولون


[١] بدرة كما في ابن الأثير ج ٧ ص ١٩٤.
[٢] ياركوج التركي: ابن الأثير ج ٧ ص ١٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>