للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحمد بن إسرائيل وأفحش في ردّه وتفاوضا في الكلام فسقط صالح مغشيا عليه، وتبادر أصحابه بالباب فدخلوا منتضين سيوفهم فدخل إلى قصره، فأمر صالح بالوزراء الثلاثة فقيّدوا وشفع المعتز في أمر وزيره فلم يقبل شفاعته، وصادرهم على مال جليل حملوه فلم يسدّ شيئا، فلما فعلوا بالكتاب ما فعلوا من المصادرة اتّهم الجند أنهم حملوا على مال ولم يكن ذلك، فشفعوا في طلب أرزاقهم وضمنوا للمعتز قتل صالح بن وصيف على خمسين ألفا يبذلها لهم. وسألها من أمّه فاعتذرت فاتفقت كلمتهم على خلعه. ودخل إليه صالح بن وصيف ومحمد بن بغا المعروف بأبي نصر وبابكيال وطلبوه في الخروج إليهم، فاعتذر لهم وأذن لبعضهم في الدخول فدخلوا، وجرّوه إلى الباب وضربوه وأقاموه في الشمس في صحن الدار وكلما مرّ به أحد منهم لطمه. ثم أحضروا القاضي ابن أبي الشوارب في جماعة فأشهدهم على خلعه، وعلى صالح بن وصيف بأمانه وأمان أمّه وأخته وولده [١] . وفرّت أمّه قبيحة من سرب كانت اتخذته بالدار، ثم عذّبوا المعتز ثم جعلوه في سرب وطمّوا عليه، وأشهدوا على موته بني هاشم والقوّاد، وذلك آخر رجب من سنة خمس وخمسين، وبايعوا لمحمد ابن عمه الواثق ولقّبوه المهتدي باللَّه عند ما خلع المعتز نفسه وأقرّ بالعجز والرغبة في تسليمها إلى المهتدي، بايعه الخاصّة والعامّة. وكانت قبيحة أم المعتز لما فعل صالح بالكتاب ما فعل قد [٢] نفرا منهم على الفتك بذلك بصالح، ونمي ذلك إليه، فجمع الأتراك على الثوران، وأيقنت قبيحة بالهلاك فأودعت ما في الخزائن من الأموال والجواهر، وحفرت سربا في حجرتها هربت منه لما أحيط بالمعتزّ، ولما قتل خشيت على نفسها فبعثت إلى صالح تستأمنه فأحضرها في رمضان وظفر منها بخمسمائة ألف دينار، وعذّبها على خزائن تحت الأرض فيها ألف ألف دينار وثلاثمائة ألف دينار ومقدار مكوك من الزبرجد لم ير مثله، ومقدار مكوك آخر من اللؤلؤ العظيم وجراب من الياقوت الأحمر القليل النظير، وذمّها الناس بأنها عرّضت ابنها للقتل في خمسين ألف دينار ومعها هذا المال، ثم سارت إلى مكة فأقامت هنالك، وقبض صالح على أحمد بن إسرائيل وزيد بن المعتز وعذّبه وصادره. ثم قبض على


[١] الضمير يعود للمعتز:
[٢] بياض بالأصل وفي الكامل لابن الأثير ج ٧ ص ١٩٩: «وكان السبب في هربها وظهورها انها كانت قد واطأت النفر من الكتّاب الذين أوقع بهم صالح على الفتك بصالح ... »

<<  <  ج: ص:  >  >>