للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السفن فيها، وببعث الأقوات التي أخذت، فكانت لا حدّ لها، فصرفت في الجند.

وكتب الخبيث إلى ابن جامع يحذّره مثل ما نزل بالشعراني، وجاءت العيون إلى الموفّق أنّ ابن جامع بالحوانيت، فسار إلى الضبيّة [١] وأمر ابنه بالسير في النهر إلى الحوانيت، فلم يلق ابن جامع بها، ووجد قائدين من الزنج استخلفهم عليها بحفظ الغلّات، ولحق بمدينته المنصورة بطهتا، فقاتل ذلك الجند ورجع إلى أبيه بالخبر فأمره بالمسير إليه، وسار على أثره برّا وبحرا حتى نزلوا على ميلين من طهتا. وركب لبيوني مقاعد القتال على المنصور [٢] فلقيه الزنج وقاتلوه وأسروا جماعة من غلمانه.

ورمى أبو العبّاس بن الموفّق أحمد بن مهدي الجناني فمات وأوهن موته [٣] ، ثم ركب يوم السبت آخر ربيع من سنة سبع وعبّى عسكره وبعث السفن في البحر الّذي يصل إلى المنصورة، ثم صلّى وابتهل بالدعاء، وقدّم ابنه أبا العبّاس إلى السور، واعترضه الجند فقاتلهم عليه واقتحموا وولّوا منهزمين إلى الخنادق وراءه، فقاتلوه عندها واقتحمها عليهم كلّها، ودخلت السفن المدينة من النهر فقتلوا وأسروا، وأجلوهم عن المدينة وما اتصل بها، وهو مقدار فرسخ وملكه الموفق، وأفلت ابن جامع في نفر من أصحابه، وبلغ الطلّاب في أثره إلى دجلة، وكثر القتل في الزنج والأسر، واستنقذ العبّاس من نساء الكوفة وواسط وصبيانهم أكثر من عشرة آلاف [٤] وأعطى ما وجد في المنصورة من الذخائر والأموال للأجناد، وأسر من نساء سليمان وأولاده عدّة. ولما جاء جماعة من الزنج إلى الآجام اختفوا، فأمر بطلبهم وهدم سور المدينة وطمّ خنادقها وأقام سبعة عشر يوما في ذلك ثم رجع إلى واسط.

[حصار مدينة الخبيث المختارة وفتحها]

ثم إنّ الموفق عرض عساكره وأزاح عللهم، وسار ومعه ابنه أبو العبّاس إلى مدينة


[١] الصينيّة: المرجع السابق.
[٢] المعنى غير واضح وما يذكره ابن الأثير ج ٧ ص ٣٤٦: «ومطرت السماء مطرا شديدا، فشغل (أبو العباس) عن القتال، ثم ركب لينظر موضعا للحرب، فانتهى إلى قريب من سور مدينة سليمان بطهثا، وهي التي سمّاها المنصورة، فتلقّاه خلق كثير، وخرج عليهم كمناء من مواضع شتّى، واشتدت الحرب، وترجّل جماعة من الفرسان، وقاتلوا حتى خرجوا عن المضيق الّذي كانوا فيه، وأسروا من غلمان الموفّق جماعة.»
[٣] اي أوهن موته الزنج.
[٤] عشرين الفا عند ابن الأثير ج ٧ ص ٣٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>