للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسلم منهم إلا الشريد. ثم غلبهم على السكر وأحرقه واعتزم على لقاء الخبيث وقدّم ابنه أبا العبّاس إلى دار المهلّب وأضاف المستأمنة إلى شبل بن سالم وأمرهم أن ينتظروا بالقتال نفخ البوق، ونصب علمه الأسود على دار الكرمانيّ. ثم صمد إليهم وزحف الناس في البر والنهر، ونفخت الأبواق وذلك لثلاث بقين من المحرّم سنة سبعين. واشتدّ القتال وانهزم الزنج ومات منهم قتلا وغرقا ما لا يحصى، واستولى الموفّق على المدينة واستنقذوا الأسرى وأسروا الخليل وابن أبان وأولادهما وعيال أخيهما، ومضى الخبيث ومعه ابنه أنكلاي وابن جامع وقوّاد من الزنج إلى موضع بنهر السّفيانيّ كانوا أعدّوه ملجأ إذا غلب على المدينة، واتبعه الموفّق في السفن ولؤلؤ في البر. ثم اقتحم النهر بفرسه واتّبعه أصحابه فأوقعوا بالخبيث ومن معه حتى عبروا نهر السامان [١] واعتصموا بجبل وراءه، ورجع لؤلؤ عنهم وشكر له الموفّق ورفع منزلته واستبشر الناس بالفتح. وجمع الموفّق أصحابه فوبّخهم على انقطاعهم عنه فاستعذروا بأنهم ظنّوا انصرافه. ثم تحالفوا على الإقدام والثبات حتى يظفروا وسألوه أن تردّ المعابر التي يعبرون فيها ليستميت الناس في حرب عدوّهم، فوعدهم بذلك وأصبح ثالث صفر فعبّى المراكب وبعثهم إلى المراكز وردّ المعابر التي عبروا فيها وتقدّم سرعان العسكر فأوقعوا بالخبيث وأصحابه ففضّوا جماعة وأثخنوا فيهم قتلا وأسرا، وافترقوا كل ناحية. وثبت مع الخبيث لمّة من أصحابه فيهم المهلّبيّ وذهب ابنه أنكلاي وابن جامع واتبع كلّا منهم طائفة من العسكر بأمر أبي العبّاس ابن الموفّق. ثم أسر إبراهيم بن جعفر الهمذاني فاستوثقوا منه. ثم كرّ الخبيث والمنهزمون معه على من اتّبعهم من أهل العسكر فأزالوهم عن مواقفهم. ثم رجعوا ومضى الموفّق في اتباع الخبيث إلى آخر نهر أبي الخصيب فلقيه غلام من أصحاب لؤلؤ برأس الخبيث وسار أنكلاي نحو الديناريّ ومعه المهلّبىّ وبعث الموفّق أصحابه في طلبهم فظفر بهم وبمن معهم، وكانوا زهاء خمسة آلاف، فاستوثق منهم ثم استأمن إليه ورمونة [٢] وكان عند البطيحة قد اعتصم بمغايض وآجام هنالك يخيف السابلة، ويغير على تلك النواحي وعلى الواردين إلى مدينة الموفّق. فلما علم بموت الخبيث سقط في يده وبعث يستأمن فأمّنه الموفّق فحسنت توبته وردّ الغصوبات إلى أهلها ظاهرا،


[١] نهر السفياني: ابن الأثير ج ٧ ص ٤٠٣.
[٢] درمويه الزنجيّ: المرجع السابق ص ٤٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>