للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانتقضت عليه دمشق فبعث إليها العساكر وعادت إلى طاعته. وكان يومئذ بالموصل والجزيرة إسحاق بن كنداج وعلى الأنبار والرحبة وطريق الفرات محمد بن أبي الساج، فكاتبا الموفّق في المسير إلى الشام واستمدّاه، فأذن لهما ووعدهما بالمدد، فسارا وملكا ما يجاورهما من بلاده، واستولى إسحاق على أنطاكية وحلب وحمص، وكاتبه نائب دمشق واجتمع الخلاف على خمارويه فسار إليه فهرب إلى شيزر وهي في طاعة خمارويه، ودمشق. وجاء أبو العبّاس بن الموفّق وهو المعتضد من بغداد بالعساكر فكبس شيزر وقتل من جند ابن طولون مقتله عظيمة، ولحق فلّهم بدمشق وأبو العبّاس في اتباعهم، فجلوا عنها، وملكها في شعبان سنة إحدى وسبعين.

ورجعت عساكر خمارويه إلى الرّملة فأقاموا بها. وزحف إسحاق بن كنداج إلى الرقّة وعليها وعلى الثغور والعواصم ابن دعاص [١] من قبل خمارويه فقاتله وكان الظهور لإسحاق. ثم زحف أبو العبّاس المعتضد من دمشق إلى الرملة، وسار خمارويه من مصر واجتمع بعساكره في الرملة على ماء الطواحين، وكان المعتضد قد استفسد لابن كنداج وابن أبي الساج ونسبهما إلى الجبن في انتظارهما إياه في محاربة خمارويه. وعبّى المعتضد عساكره ولقي خمارويه وقد أكمن له، فانهزم خمارويه أولا وملك المعتضد خيامه، وشغل أصحابه بالنهب فخرج عليهم الكمين فانهزم المعتضد إلى دمشق، فلم يفتح له أهلها، فراح إلى طرسوس وأقام العسكران يقتتلان دون أمير، وأقام أصحاب خمارويه عليهم أخاه سعدا مكانه، وذهبوا إلى الشام فملكوه أجمع، وأذهبوا منه دعوة الموفّق وابنه. وبلغ الخبر إلى خمارويه فسرّ وأطلق الأسرى الذين كانوا معه. ثم ثار أهل طرسوس بأبي العبّاس فأخرجوه، وسار إلى بغداد وولّوا عليهم مازيار، فاستبدّ بها ثم دعا لخمارويه بعد أن وصله بمال جليل يقال أنفذ إليه ثلاثين ألف دينار وخمسمائة ثوب وخمسمائة مطرف وسلاحا كثيرا، فدعا له ثم بعث إليه بخمسين ألف دينار.

[وفاة صاحب طبرستان وولاية أخيه]

ثم توفي الحسن بن زيد العلويّ صاحب طبرستان في رجب سنة سبعين لعشرين سنة من ولايته وولّي مكانه أخوه وكان على قزوين أتكوتكين [٢] فسار إلى الريّ في أربعة


[١] ابن دعباس: ابن الأثير ج ٧ ص ٤١١.
[٢] اذكوتكين: ابن الأثير ج ٧ ص ٤١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>