للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنها وأعطوها الروم، وكثر أسف أهل طرسوس لذلك بما كانت ثغرهم وعينا لهم على العدوّ، وبلغ ذلك المعتمد، فكتب لأحمد بن طولون بولايتها وفوّض إليه أمر الثغور، فوليها واستعمل فيها من يحفظ الثغر ويقيم الجهاد، وقارن ذلك وفاة أماجور عامل دمشق، وملك ابن طولون الشام جميعها كما ذكرناه قبل. وفي سنة أربع وستين غزا بالصائفة عبد الله بن رشيد بن كاوس في أربعين ألفا من أهل الثغور الشامية، فأثخن فيهم وغنم ورجع، فلما رحل عن البدندون خرج عليه بطريق سلوقية، وقرّة كوكب وحرسيه [١] ، وأحاطوا بالمسلمين فاستمات المسلمون واستلحمهم الروم بالقتل، ونجا فلّهم إلى الثغر، وأسر عبد الله بن كاوس وحمل إلى القسطنطينية وفي سنة خمس وستين خرج خمسة من بطارقة الروم إلى أذنة فقتلوا وأسروا والي الثغور أوخرد [٢] فعزل عنها وأقام مرابطا، وبعث ملك الروم بعبد الله بن كاوس ومن معه من الأسرى إلى أحمد بن طولون، وأهدى إليه عدّة مصاحف. وفي سنة ست وستين لقي أسطول المسلمين أسطول الروم عند صقيلة [٣] فظفر الروم بهم، ولحق من سلم منهم بصقيلة، وفيها خرجت الروم على ديار ربيعة، واستنفر الناس ففرّوا ولم يطيقوا دخول الدرب لشدّة البرد فيها. وغزا عامل ابن طولون على الثغور الشامية في ثلاثمائة من أهل طرسوس واعترضهم أربعة آلاف من الروم من بلاد هرقل، فنال المسلمون منهم أعظم النيل. وفي سنة ثمان وستين خرج ملك الروم، وفيها غزا بالصائفة خلف الفرغانيّ عامل ابن طولون على الثغور الشامية فأثخن ورجع. وفي سنة سبعين زحف الروم في مائة ألف ونزلوا قلمية على ستة أميال من طرسوس، فخرج إليهم بازيار [٤] فهزمهم وقتل منهم سبعين ألفا وجماعة من البطارقة، وقتل مقدّمهم بطريق البطارقة، وغنم منهم سبع صلبان ذهبا وفضّة، وكان أعظمها مكلّلا بالجواهر. وغنم خمسة عشر ألف دابة، ومن السروج والسيوف مثل ذلك، وأربع كراسي من ذهب، ومائتين من فضّة وعشرين علما من الديباج وآنية كثيرة. وفي سنة ثلاث وسبعين غزا بالصائفة بازيار وتوغّل في أرض الروم وقتل وغنم وأسر وسبى وعاد إلى طرسوس. وفي سنة ثمان وسبعين دخل أحمد الجعفي [٥] طرسوس وغزا مع بازيار


[١] خرشنة: ابن الأثير ج ٧ ص ٣١٢.
[٢] أرجوز: ابن الأثير ج ٧ ص ٣٢٧.
[٣] هي صقلّيّة.
[٤] بازمار: ابن الأثير ج ٧ ص ٤٠٦.
[٥] احمد الجعيفي: ابن الأثير ج ٧ ص ٤٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>