للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وفاة المعتضد وبيعة ابنه]

كان بدر مولى المعتضد عظيم دولته، وكان القاسم بن عبيد الله الوزير يروم نقل الخلافة في غير بني المعتضد، وفاوض في ذلك بدرا أيام المعتضد فأبى، ولم يمكن القاسم مخالفته. فلما مات المعتضد كان بدر بفارس بعثه إليها المعتضد لما بلغه أن طاهر بن محمد بن عمرو بن الليث غلب عليها فبعث بدرا وولّاه. فلما مات عقد الوزير البيعة لابنه المكتفي وخشي من بدر فيما اطلع عليه منه، فأعمل الحيلة في أمره. وكان المكتفي أيضا يحقد لبدر كثيرا من منازعة معه أيام أبيه، فدسّ الوزير إلى القوّاد الذين مع بدر بمفارقته، ففارقه العبّاس بن عمر الغنويّ ومحمد بن إسحاق بن كنداج وخاقان العلجى [١] وغيرهم، فأحسن الملتقى إليهم وسار بدر إلى واسط، فوكّل المكتفي بداره وقبض على أصحابه وأمر بمحو اسمه من الفراش [٢] والأعلام وبعث الحسن بن علي كورة في جيش إلى واسط، وعرض على بدر ما شاء من النواحي، فقال: لا بدّ لي أن أشافه مولاي بالقول! فخوف الوزير المكتفي خائنته ومنعه من ذلك، وشعر أن بدرا بعث عن ابنه هلال فوكّل به. ثم بعث الوزير عن القاضي أبي عمر المالكيّ وحمّله الأمان إلى بدر، فجاء بأمانه وبعث الوزير من اعترضه بالطريق فقتله لست خلون من رمضان، وحمل أهله شلوه إلى مكّة فدفن بها لوصيته بذلك، وحزن القاضي أبو عمر لاخفار ذمّته.

[استيلاء محمد بن هارون على الري ثم أسره وقتله]

قد تقدّم لنا ذكر محمد بن هارون وأنه كان من قوّاد رافع بن هرثمة، ونظّمه إسماعيل بن أحمد صاحب ما وراء النهر في قوّاده وبعثه لحرب محمد بن زيد فهزمه واستولى على طبرستان، وولّاه إسماعيل عليها. ثم انتقض ودعا بدعوة العلويّة وبيّض [٣] وساعده ابن حسّان الديلميّ. وبعث إسماعيل العساكر لقتال ابن حسّان فهزموه. وكان على الري من قبل المكتفي أغرتمش التركيّ، فأساء السيرة فبعث أهل الريّ إلى محمّد بن هارون أن يسير إليهم ويولّوه، فسار وحارب أغرتمش فهزمه وقتله، وقتل ابنيه وأخاه


[١] خاقان المفلحيّ: ابن الأثير ج ٧ ص ٥١٨.
[٢] التراس: المرجع السابق.
[٣] اي أنه لبس ثيابا بيضاء بعكس العباسيين الذين كان شعارهم السواد.

<<  <  ج: ص:  >  >>