للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالأمر إلى أخيه جعفر. وكان الوزير العبّاس بن الحسن قد استشار أصحابه فيمن يولّيه، فأشار محمد بن داود بن الجرّاح بعبد الله بن المعتز، ووصفه بالعقل والرأي والأدب، وأشار أبو الحسين بن محمد بن الفرات بجعفر بن المعتضد بعد أن أطال في مفاوضته وقال له: اتّق الله ولا توال إلّا من خبرته ولا تولّ البخيل فيضيق على الناس في الأرزاق، ولا الطمّاع فيشره إلى أموال الناس، ولا المتهاون بالدين فلا يجتنب المآثم ولا يطلب الثواب. ولا تولّ من خبر الناس وعاملهم واطلع على أحوالهم، فيستكثر على الناس نعمهم، وأصلح الموجودين مع ذلك جعفر بن المعتضد. قال: ويحك وهو صبيّ! فقال: وما حاجتنا بمن لا يحتاج إلينا ويستبد علينا؟ ثم استشار عليّ بن عيسى فقال: اتّق الله وانظر من يصلح. فمالت نفس الوزير إلى جعفر كما أشار ابن الفرات، وكما أوصى أخوه، فبعث صائفا الخدمي [١] فأتى به من داره بالجانب الغربي، ثم خشي عليه غائلة الوزير فتركه في الحرّاقة، وجاء إلى دار الخلافة فأخذ له البيعة على الحاشية. ثم جاء به من الحرّاقة وجاء إلى دار الخلافة فأخذ له البيعة على الحاشية. ثم جاء به من الحرّاقة وأقعده على الأريكة وجاء الوزير والقوّاد فبايعوه، ولقّب المقتدر باللَّه وأطلق يد الوزير في المال وكان خمسة عشر ألف ألف دينار فأخرج منه حق البيعة واستقام الأمر.

[خلع المقتدر بابن المعتز وإعادته]

ولما بويع المقتدر وكان عمره ثلاث عشرة سنة استصغره الناس وأجمع الوزير خلعه والبيعة لأبي عبد الله محمد بن المعتز وراسله في ذلك، فأجاب وانتظر قدوم نارس حاجب إسماعيل بن سامان، كان قد انتقض إلى مولاه وسار عنه، فاستأذن في القدوم إلى بغداد وأذن له. وقصد الاستعانة به على موالي المعتضد. وأبطأ نارس عليه، وهلك أبو عبد الله بن المقتدر خلال ذلك فصرف الوزير وجهة لأبي الحسين بن الموكّل فمات، فأقرّ المقتدر، ثم بدا له وأجمع عزله، واجتمع لذلك مع القوّاد والقضاة والكتّاب وراسلوا عبد الله بن المعتز فأجابهم على أن لا يكون قتال. فأخبروه باتفاقهم وأن لا منازع لهم. وكان المتولّون لذلك الوزير العبّاس بن الحسين ومحمد بن داود بن الجرّاح وأبا المثنّى أحمد بن يعقوب القاضي، ومن القوّاد الحسين بن حمدان


[١] صافي الحرميّ: ابن الأثير ج ٨ ص ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>