للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخرجه هو وابنه أبا القاسم، وأركبهما ومشى مع رؤساء القبائل بين يديها وهو يقول:

هذا مولاكم ويبكي من شدّة الفرح، ثم أنزله بالمخيم وبعث في أثر أليسع فجيء به فجلد، ثم قتل، وأقام بسجلماسة أربعين يوما ورجع إلى إفريقية، ووصل إلى رقادة في ربيع من سنة ست وتسعين وجدّد البيعة للمهدي واستولى على ملك بني الأغلب بإفريقية. وملك مدرار سجلماسة ونزل برقادة وتلقّب بالمهديّ أمير المؤمنين وبعث دعاته في الناس فحملوهم على مذهبهم فأجابوا إلّا قليلا عرض عليهم السيف، وقسّم الأموال والجواري في رجال كتامة، وأقطعهم الأموال والأعمال، ودوّن الدواوين وجبى الأموال وبعث العمّال على البلاد. فبعث على صقلّيّة الحسن بن أحمد بن أبي خنزير فوصل إلى مازر في عيد الأضحى من سنة تسع وتسعين، فاستقضى بها إسحاق بن المنهال، وأجاز البحر سنة ثمان وتسعين إلى بسط قلورية [١] فأثخن فيها وعاد وثار به أهل صقلّيّة سنة تسع وتسعين فحبسوه واعتذروا إلى المهدي لسوء سيرته، فعذرهم وولّى عليهم علي بن عمر البلويّ فوصل إليهم خاتمة السنة المذكورة.

[أخبار ابن الليث بفارس]

قد ذكرنا من قبل استيلاء الليث بن عليّ بن الليث وسيكرى [٢] مولى عمر بن الليث على فارس من يد طاهر بن محمد. ثم أخرج سيكرى بعد ذلك الليث وانفرد بها، وسار إليه طاهر بن محمد بن عمرو، فواقعه وانهزم طاهر وأسر سيكرى وأسر أخاه يعقوب، وبعث بهما إلى المقتدر مع كاتبه عبد الرحمن بن جعفر الشيرازي، وقد أمّره على ما يحمله وذلك سنة ست وتسعين، ثم سار إليه الليث بن عليّ من سجستان سنة سبع وتسعين، فغلبه وملك فارس، وهرب سيكرى إلى أرجان وأمدّه المقتدر بمؤنس الخادم في العساكر، فجاء إلى أرجان وجاء الحسين بن حمدان من قمّ إلى البيضاء في إعانته، فسار لملاقاته وأضلّ الطريق إلى مسالك صعبة أشرف على عسكر مؤنس. وكان سيكرى قد بعث أخاه إلى شيراز ليحفظها، فلما أشرف على العسكر ظنّه عسكر أخيه فثاروا إليه واقتتلوا وانهزم عسكر الليث وأخذ أسيرا. وأشار عليه


[١] كذا في الأصل وفي الكامل لابن الأثير ج ٨ ص ٥٠: «وبقي ابن أبي خنزير إلى سنة ثمان وتسعين ومائتين، فسار في عسكره إلى دمنش فغنم وسبى وأحرق»
[٢] شبكرى: ابن الأثير ج ٨ ص ٥٦- الطبري ج ١٢ ص ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>